للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤]، فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يملك أن ينفع أحدًا؛ فما بالك بغيره من سائر الناس؟ وربما يكون الذي تتجه إليه قد ارتكب كثيرًا من المعاصي والذنوب، وقد يكون هذا الذي تذهب إليه، وتذبح له، وتتقرب له خيال من الخيالات التي أريد بها شغل المسلمين عن دينهم، وإضعاف كلمة المسلمين، فإذا أردنا مسألة فلِمَ لا نرجع إلى الحي القيوم؟! والله تعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [البقرة: ١٨٦]، وقال -سبحانه وتعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠].

وقال الشاعر:

الله يغضب إن تركت سؤاله … وبُنَيّ آدم حين يُسألُ يَغضَبُ (١)

وقال آخر:

ولو سُئِل الناسُ التراب لأوشكوا … إذا قيل: هاتوا أن يملُّوا ويسأموا (٢)

فهذا في شأن الأحياء حين تطلب منهم شيئًا من حطام الدنيا؛ فكثير منهم لا يعطيك ما تطلب، فلماذا تتجه إلى إنسان قد أصبح رميمًا لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا؟! فتطلب منه، واللّه تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣]، فهذه قضية هامَّة، وأمرها خطير وجسيم، ويقع فيها كثير من المسلمين؛ فقد رأينا أناسًا يذبحون لغير الله، والذبح لا يكون إلا لله، لأن الذبح


(١) البيت بلا نسبة في "المستطرف في كل فن مستظرف" (ص ٣٠٣).
(٢) البيت بلا نسبة في "شرح التسهيل" لابن مالك (١/ ٣٩٢)، و"لسان العرب" (١٠/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>