للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان إمامًا يصلي بالمسلمين، وكان خلفاؤه الراشدون أئمة يصلون بالناس بعده، ولا يختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما هو أفضل.

واستدلوا أيضًا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمالك بن الحويرث في الحديث المتفق عليه: "ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" (١).

وجه الدلالة: تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - الإمامة بقوله: "وليؤمكم أكبركم"؛ فدلَّ ذلك على أنها تمتاز على الأذان.

وذهب بعضهم (٢): إلى أن الأذان أفضل من الإمامة: واستدلوا بالأحاديث التي مرت في فضل الأذان، واستدلوا بدليل عقلي على أفضلية الأذان: وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤذن، خشية أن يفرض عليهم بأذانه، وكذلك الخلفاء لم يؤذنوا؛ لأنهم كانوا مشغولين بالخلافة، ولذلك نُقِل عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "لولا الخلافة لأذنت" (٣) " فدلَّ ذلك على أنهم كانوا مشغولين بالخلافة.

ودليل آخر: أن الإمامة لا يحتاج فيها الإنسان إلا أن يأتي إلى الصلاة، أما الأذان فيحتاج فيه إلى أن يتحرى الوقت، ويحدد له، ويربط نفسه في أوقات معينة لذلك، فإن الأذان أفضل من الإمامة من هذه الجهة.

قال المصنف رحمه الله تعالى:


(١) أخرجه البخاري (٦٢٨)، ومسلم (٦٧٤).
(٢) وهو أحد الوجهين عند الشافعي، ورواية عن أحمد. يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٦٢) حيث قال: "والوجه الثانى: أن الأذان أفضل".
ويُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٢٩٢) حيث قال: "واختلفت الرواية، هل الأذان أفضل من الإمامة، أو لا؟ فروي أن الإمامة أفضل … والثانية: الأذان أفضل".
(٣) ذكر الأثر ابن قدامة في "المغني" (١/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>