للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نجد أن الطهارة كما - سبق وبينَّا - ليست من الصلاة، وكذلك ستر العورة واستقبال القبلة ليست من الصلاة، لكنها شروط يتطلبها أداء هذا الركن، قال الله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤].

فنقول إذن: إن هناك شروط للصلاة لا بد من توافرها، وهناك أركان للصلاة هي جزء منها كقراءة الفاتحة والركوع والسجود والقيام والاطمئنان، وهناك قضايا أُخرى كشروط وجوب الصلاة، وهي مما ينبغي أن تُدرك وتُعرف.

ثم نقول: إن كلَّ العلماء الذين يعتدُّ بأقوالهم متَّفقون على أنه لو صلى إنسان بغير أذان ولا إقامة فقد فعل مكروهًا لكن صلاته صحيحة (١)، ولو أن إنسانًا ترك الأذان والإقامة فقد ترك شعيرة من شعائر الإسلام، ونحن نقول: لا ينبغي التسامح بأمر الأذان ولا التساهل فيه، فهو شعيرة من شعائر الإسلام، وإظهار لأهمية الصلاة، ولذلك سيمرُّ بنا حديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا قومًا انتظر فإن أذَّن المؤذن توقَّف وإن لم يؤذن أغار عليهم - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وذلك لأن الأذان شعار وعلامة لأهل هذه القرية والبلدة على أنهم مسلمون، وإذا لم يؤذِّنوا فقد عطَّلوا شعيرة من شعائر الإسلام.

واختلف العلماء في حكم من عطَّل هذه الشعيرة، وقالوا: إذا عطَّل قوم هذه الشعيرة يُقاتلون عليها، وحتى مَن يقول بأنها سنة بعضهم يرى قتالهم (٣).


(١) مذهب الشافعية، يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (٢/ ٣٩٥) حيث قال: "وكذلك لو صلَّى بغير أذان كرهت ذلك له ولا إعادة عليه".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "درر الحكام" لملا خسرو (١/ ٥٤) حيث قال: "وقال محمد بمقاتلة أهل بلدة اجتمعوا على تركه، وأبو يوسف يحبسون ويضربون ولا يقاتلون".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٢٨): "وأما في المصر فواجب على الكفاية يُقاتَلون لترك"، ويُنظر: "منح الجلي" للشيخ عليش (١/ ١٩٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>