للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن عثمان - رضي الله عنه - زاد النداء الثاني على الزوراء (١)، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى في أبواب الجمعة.

ومن المسائل التي يتكلم عنها العلماء كذلك فيما يتعلَّق بالأذان صفة الأذان وكيفيته، وكذلك الإقامة، فيقولون: ينبغي على المؤذن أن يترسَّلَ في أذانه، وأن يحدرَ إقامته (٢)، ويستدلُّون على ذلك بحديث بلال - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إذا أذَّنت فاسترسل، وإذا أقمْتَ فاحدرْ" (٣)، ونُقِل أيضًا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال لمؤذن بيت المقدس: "إذا أذَّنت فترسَّل، وإذا أقمتَ فاحزم" (٤)، ومعنى الحزم: الإسراع (٥).

والترسُّل في الأذان إنما هو التمهّل فيه (٦)، والحدر هو الإسراع (٧)، ومن ذلك قولهم: جاء على رسله، أي: جاء غير مسرعٍ.

فالقصد من الترسّل في الأذان إذن هو عدم الإسراع فيه، فيقول مثلًا: الله أكبر … الله أكبر، وأما حركة الراء في التكبير فقد منع بعض العلماء ضمَّ الرَّاء من التكبيرة الأولى، وقالوا: له أن يفتع الأولى فيقول: الله أكبرَ الله أكبر، بناءً على أنه وقف وحرّك بالفتح لالتقاء الساكنين، والحاصلُ: أنه مخير بين الوجهين، إمَّا التسكين فيقول: الله


(١) أخرجه البخاري (٩١٢).
(٢) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (١/ ٢٧١) حيث قال: "ويترسل فيه ويحدر فيها، أي: يتمهل في الأذان ويسرع في الإقامة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (١/ ٥٠٣) حيث قال: "ويترسل في الأذان، ويحدر الإقامة".
(٣) أخرجه الترمذي (١٩٥)، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٢٨).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١/ ١٩٥)، وابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ٥١) وفيه: "وإذا أقمت فاحدر".
(٥) "وحذم في القراءة حذمًا، أي: أسرع فيها"، يُنظر: "معجم ديوان الأدب" لأبي إبراهيم الفارابي (٢/ ١٨٢).
(٦) "وترسَّل في قراءته بمعنى: تمهَّل"، يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٢٢٦).
(٧) "الإسراع في القراءة وفي كل عمل"، يُنظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٤/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>