للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن جماهير العلماء يُجيزون الأذان من غير طهارة مع الكراهة، ومن العلماء منِ اشترط الطهارة في الأذان (١)، ومنهم من فرَّق بين المسجد وغيره (٢).

والذين اشترطوا الطهارة، استدلّوا بما يلي:

الأول: حديث: "لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئ" (٣)، والصحيح: أن هذا الأثر ليس مرفوعًا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو موقوف على أبي هريرة (٤).

الثاني: كذلك ورد عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال: "حَقٌّ وَسُنَّةٌ مَسُنُونَةٌ أَلَّا يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ" (٥)، وهذا أيضًا مثل الأول موقوف. وقد تكلَّم عنه العلماء وبينوا أن فيه انقطاعًا، فراويه عن وائل بن حجر لم يدركه، وقالوا: هو مرسل أيضًا (٦).

إذن الشاهد: أنه لم يرد حديث مرفوع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحيح في هذا المقام يُثبِت ما يتعلَّق بوجوب الطهارة، ومن هنا قال العلماء بجواز ذلك، لكن الذي يستأنس به بعض العلماء حديث المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلَّم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه


(١) كمثل عطاء كما سبق بيانه.
(٢) يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٢/ ٢٥٩)؛ حيث قال: "وأجازه سحنون في غير المسجد".
(٣) أخرجه الترمذي (٢٠٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٦٣١٧).
(٤) يُنظر: "الدراية" لابن حجر (١/ ١٢١) حيث قال: "لا يؤذن إلا متوضئ، أخرجه الترمذي مرفوعًا وموقوفًا، وقال: الصواب موقوف"، وانظر: "سنن الترمذي" (١/ ٣٩٠).
(٥) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٥٨٣)، وضعفه الألبانى فى "إرواء الغليل" (١/ ٢٤٠).
(٦) يُنظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٥٨٣) حيث قال: "عبد الجبار بن وائل، عن أبيه مرسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>