للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو المقصود - يقول: بلادهم حارة، ويقتصرون على الاستنجاءِ بالحجارة، فربما لو نامَ أحدهم، وَقَعتْ يده على موضع نجاسةٍ، وَنُنبِّه على بعض النُّكَت التي وَرَدتْ في هذا الحديث في قضية الكناية التي كنى بها، حَيْث قَالَ: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ "، ولم يَقُلْ: وَقَعتْ على ذَكَره أو على دُبُره، فهَذَا من الأساليب التي تسلكها الشريعة الإسلامية في أمر الكنايات، فإن الشريعة الإسلامية لا تُصرِّح في الأمور التي لا تحتاج إلى تَصْرِيحٍ إلا إذا اقتضى الأمر ذلك، إذا لم يفهم السَّامعُ ذَلكَ، فَإنَّ الشَّريعةَ الإسلَاميَّة حِينَئذٍ تُنبِّه، ولو أردنا أن نستعرضَ بعضًا من نُصُوص الكتاب والسُّنة لوجدنا أمثلةً كثيرةً من ذلك، فالله تعالى يقول: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، وهذه كنايةٌ.

ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧].

ويقول عز وجل بعد ذلك أيضًا: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ}، كَمَا ورد في الآية: {الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}.

ويقول سبحانه وتعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١]، إلى غير ذلك من الأدلة.

أيضًا ورَد في السُّنة قوله عليه الصلاة والسلام: " لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَبَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ "، عندما أرادت المرأة أن ترجع إلى رفاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: " لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ "، لكنه في مقام التصريح نجد أن الشَّريعة الإسلامية تصرح بذلك.

وهُنَاك قصَّة مَاعِزٍ عندما جاء إلى الرَّسُول - علَيه الصَّلاة والسَّلام - معترفًا بالذَّنب الذي ارتكب، وطلب من الرسول - عليه الصلاة والسلام - أن يُطهِّره، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يُعْرض عنه، فينتقل من مكانٍ إلى مكانٍ ويقول: " لعَلَّك قبَّلتَ "، " لعلَّك غَمزتَ " … إلى آخره إلى أن رأى أن الرجل مقبل، وأنه يريد التطهيرَ، وأن قلبَه قد عذَّبه، وأن ضميره صحا، وأن خشية الله سبحانه وتعالى دفعته إلى طلب ذلك، وهناك قاعدةٌ فقهيَّة معروفةٌ هي: " الضَّرر يُزَال "، وهذه القاعدة تَتفرَّع عنها قواعد عدة، منها: " الضرورة تُقدَّر

<<  <  ج: ص:  >  >>