للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتبعه الحافظ ابن حجر -وهو الذي يضرب به المثل في الدقة في تصحيح الأحاديث وتضعيفها- وحسن إسناده (١).

والإمام الشافعي قد وضع قاعدة مهمة، إذ يقول: "إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي الحائط" (٢)، فأيّ مسألة يخالف فيها الشافعي ويصح فيها حديث لم يبلغه أو بلغه ولم يصحّ عنده، فإن ما تقرر في هذا الحديث هو مذهب الشافعي، وبذلك يتبين أن العلماء رحمهم الله تعالى كانت غايتهم هي الوصول إلى الحق، وذلك بمعرفة شرع الله تعالى وما جاء فيه من أحكام.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي تَصْحِيحِ الأَثَرِ الوَارِدِ فِي الخَطِّ، وَالأَثَرُ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ عَصًا، فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ"، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٣)، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنبلٍ يُصَحِّحُهُ، وَالشَّافِعِيُّ لَا يُصَحِّحُهُ).

وقول الإمام أحمد نُقل عن بعض التابعين كسعيد بن الزبير، وكما مرَّ قال به الإمام الشافعي في القديم.

والخلاف بين الإمامين هو في تصحيح وتضعيف الحديث، فأحمد صحَّ عنده والشافعي لم يصحَّ عنده، ثم جاء المحققون فحققوا في سند الحديث وانتهوا إلى أنه حديث حسن، وإذا ثبتَ حُسنه عُمِل به، وما دام


= "وذكر شيخ الإسلام له ثلاثة شروط: أحدها: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه، نقل العلائي الاتفاق عليه. الثاني: أن يندرج تحت أصل معمول به. الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط".
(١) يُنظر: "بلوغ المرام" لابن حجر (ص ٧٠) حيث قال: "ولم يصب مَن زعم أنه مضطرب، بل هو حسن".
(٢) يُنظر: "شرح مسند الشافعي" للرافعي (١/ ١٩)، و"خلاصة الأحكام" للنووي (١/ ٣٥٣).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>