للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن ستر العورة -من حيث الجملة- لا يخلو من حالين: ستر الحورة عمومًا، وسترها في الصلاة خاصة، ثم لا يخلو ستر العورة مطلقًا أن يكون في خلوة أو في حضور الناس خلا الزوج مع زوجته؛ لأن لهما حكمًا خاصًّا في المسألة، والمؤلف هنا لم يتعرض بالتفصيل إلا لستر العورة في الصلاة خاصة.

أما بالنسبة لستر العورة عمومًا فالإجماع حاصل -كما أشار المؤلف- على أن الإنسان يجب عليه أن يستر عورته في الصلاة وفي غيرها، يقول الله سُبحَانهُ وتَعَالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى} [الأعراف: ٢٦]، ويقول سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١].

إلا أن العلماء يختلفون في حال الخلوة، وأكثرهم على أنه لا فرق بين كون الإنسان خاليًا بنفسه أو يحضر معه غيره (١)، والدليل: ما ورد في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده - رضي الله عنه -حبه قال: قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملعت يمينك"، قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها"، قلت: فإذا كان أحدنا خاليًا؟ قال:


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (١/ ٤٠٤) حيث قال: " (قوله: ووجوبه عام)، أي: في الصلاة وخارجها (قوله: ولو في الخلوة)، أي: إذا كان خارج الصلاة يجب الستر بحضرة الناس إجماعًا وفي الخلوة على الصحيح".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٢١٥) حيث قال: " (وندب) لغير مصل من رجل أو امرأة (سترها)، أي: العورة المغلظة (بخلوة) حياء من الملائكة وكره كشفها لغير حاجة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٢/ ٦) حيث قال: "ويجب سترها في غير الصلاة أيضًا، لما صحَّ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمشوا عراة"، وقوله: "الله أحق أن يستحيا منه"، قال الزركشي: "والعورة التي يجب سترها في الخلوة السوأتان فقط من الرجل، وما بين السرة والركبة من المرأة نبه عليه الإمام، وإطلاقهم محمول عليه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٤٩) حيث قال: " (ويجب) ستر العورة (حتى خارجها، وحتى في خلوة، وحتى في ظلمة) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>