للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فالله تبارك وتعالى أحقّ أن يُستحْيَا منه" (١).

فالواجب إذن على المرء: أن يستر عورته في جميع الأحيان والأحوال، وسواء كان خاليًا بنفسه أو في حضرة الناس، ويستثنى من ذلك بعض الحالات، كحال الضرورة أو إذا كان الإنسان مع أهله.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ هُوَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ العَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ: أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ).

ذكر المؤلِّف هنا خلاف العلماء في حكم ستر العورة في الصلاة، وجماهير العلماء على أن ستر العورة في الصلاة شرط من شروط صحتها، وأنه لا يجوز لمسلم قادر على ستر العورة أن يصلي دون القيام بذلك، وهذا مذهب الأئمة أبي حنيفة والشافعي وأحمد (٢)، أما المالكية فتعددت الأقوال في مذهبهم فصارت أقرب إلى الاضطراب، فقيل: إنه واجب مع الذِّكْر والقدرة، ساقط مع النسيان والعجز، وقيل: إنه فرض، وقيل: إنه سنَّة، وهو الذي اقتصر عليه المؤلف، والأول هو المعروف من مذهبهم (٣).


(١) أخرجه أبو داود (٤٠١٧)، وغيره، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨١٠).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "درر الحكام" لملا خسرو (١/ ٥٩) حيث قال: "ومنها، أي: من الشروط ستر العورة".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المنهاج القويم" لابن حجر الهيتمي (ص ١١٥) حيث قال: "الشرط الثامن: ستر العورة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الفروع" لابن مفلح (٢/ ٢٤٠) حيث قال: "شروط الصلاة: الوقت ثم ستر العورة".
(٣) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني (١/ ٤٩٧) حيث قال: "قال القاضي عبد الوهاب: اختلف أصحابنا هل ستر العورة من شرائط الصلاة مع الذكر والقدرة أو هي فرض وليست بشرط في صحة الصلاة حتى إذا صلى مكشوفًا مع العلم والقدرة يسقط عنه الفرض وإن كان عاصيًا آثمًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>