للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جئتكم والله من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، فقال: "صلوا صلاة كذا في حين كلذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنًا". فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا منِّي، لِما كنت أتلقَّى من الركبان، فَقَدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بُردة كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحيِّ: ألَّا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا في قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص (١).

قوله: (قَالُوا: وَلِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَا بِهِ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهُ يُصَلِّي، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ عَدِمَ الطَّهَارَةَ، هَلْ يُصَلِّي أَمْ لَا؟).

أما مسألة عادم الطهارة فقد تقدم الكلام عنها في أبواب الطهارة، وأن الصحيح في ذلك وجوب الصلاة عليه؛ لأنه فاقد للطهورين وليس في استطاعته تحصيل أحدهما، والله سُبحَانهُ وتَعَالى يقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

ثم اختلف العلماءُ بعد ذلك في إعادته إن هو وجد الطهور بعد أن صلى على أقوال، وأما بالنسبة لمن لم يجد ما يستر به عورته مطلقًا فإنه يصلي على حاله، على خلاف بين العلماء في هيئة صلاته، فبعض العلماء - ومنهم الحنابلة -يرى أنه يصلي قاعدًا حتى لا تبدو عورته (٢)، وأكثر الفقهاء على أنه يصلي قائمًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "صلّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب" (٣)، ولأن القيام ركن في الصلاة فلا يسقط بالعجز عن ستر العورة،


(١) أخرجه البخاري (٤٣٠٢).
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٤٢٤) حيث قال: "ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسًا يومئ إيماء وجملة ذلك، أن العادم للسترة الأولى له أن يصلي قاعدًا".
(٣) أخرجه البخاري (١١١٧) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>