للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكلَّم العلماء عن لبس الحرير والذَّهب في الصلاة لغير حاجةٍ، وأَلْحَقوه بالمغصوب؛ كما عند جماهير الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهي روايةٌ للإمام أحمد وليست المشهورة؛ فيَرون أن الجهة منفكة، فالصلاة صحيحة، ويأثم لِلُبْسه (١).

* قوله: (أَمَّا اللِّبَاسُ، فَالأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]).

لا شكَّ أن هذا اللباس نعمةٌ من نِعَمِ الله -سبحانه وتعالى- على عباده، وقد استدلَّ بعض العلماء بهذه بالآية على وُجُوب ستر العورة، ومنهم مَنْ قصَرَ ذلك على الإنعام (٢)، وعلَّق عليه آخرون بأنه لا تعارض بين الإنعام والستر؛ فستر العورة يأتي في مُقدِّمة الإنعام؛ لأن من الإنعام أن يلبس الإنسان ملابس طيبة، بل هو مُطَالب بهذا (٣).


(١) سبقت هذه المسألة.
(٢) لم أقف على مَنْ فسرها بهذا، وقد ذكر بعضهم تأويلاتٍ أُخْرَى.
انظر: "المدخل "، لابن الحاج (٤/ ٢٦)، وفيه قال: "وقالت الصوفية: أراد بقوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} أنه الطاعة؛ لأنه لا شيء أجمل ولا أزين منها، إذ إنه بالطاعة والتقوى يكون القبول؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} ".
(٣) مذهب الفقهاء على أن المقصود بالآية الأمر بستر العورة في الصلاة، وعند المالكية قولٌ بأن الأمر في الآية للاستحباب، فيكون المقصود بالآية الأمر بالزينة.
انظر في مذهب الأحناف: "تبيين الحقائق "، للزيلعي (١/ ٩٥)، وفيه قال: " (وستر عورته)؛ لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، أي: محل زينتكم، والمراد: ما يواري عورته عند كل صلاة".
في مذهب المالكية، اختلفوا في تأويل هذه الآية. انظر: "مناهج التحصيل "، للرجراجي (١/ ٣٥٠، ٣٥١)، وفيه قال: "هل الأمر بذلك على الوجوب أو على الندب؟ فمَنْ حمله على الوجوب قال: المراد به ستر العورة، ومَنْ حمَله على الندب قال: المراد بذلك الزينة الظاهرة؛ مثل الرداء وغيره من اللباس ". وانظر: "شرح مختصر خليل "، للخرشي (١/ ٢٤٥).
وانظر في مذهب الشافعية: "أسنى المطالب "، لزكريا الأنصاري (١/ ١٧٦)، وفيه قال: "الشرط الخامس: ستر العورة عن العيون، فإن تركه مع القدرة لم تصحَّ صلاته؛ لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، قال ابن عباس: يعني الثياب فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>