للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان الإنسان قَدْ صلَّى صلاةً وهو متلبس بنجاسة لا يعلم بها إلا بعد فراغ الصلاة؛ فنرَى أنَّ هذا الدليل وغيره من الأدلة حُجَّة للذين يقولون بأن الصلاة صحيحة، وأنه لا تلزمه الإعَادَة (١).

* قوله: (وَالقَوْلُ الآخَرُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا، وَالَّذِي حَكَاهُ مِنْ أَنَّهَا شَرْطٌ لَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَشْهُورِ المَذْهَبِ مِنْ أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ سُنَّة مُؤَكدَةٌ (٢).

القَوْلُ هنا على مَشْهور المذهب، لكنه ليسَ صحيح المذهب (٣).

ويَخْتلف المشهور عن الصحيح، فلو قلنا: مشهور مذهب الشافعية أو الحنابلة أو الحنفية قَدْ لا يكون هو الصحيح، وقد يكون الصحيحُ هو غير المشهور؛ لأن الصحيح في المذهب هو الذي يلتقي مع الأدلة الصحيحة، أما الرأي -وَإِن اشتهر واستفاض في المذهب- فهو رأيٌ قد يستند إلى أدلةٍ أَوْ لا، فالاشتهار لا يُعْتبر حُجَّةً.


= وَانظر في مذهب الحنابلة: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٣٦١)، وفيه قال: " (أو سقطت) النجاسة (عليه فزالت أو أزالها سريعًا)، فَتَصح صلاته؛ لحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بأصحابه، إذ خلع نعليه، فوضعهما عن يساره، فخلع الناس نعالهم … ولأن من النجاسة ما يُعْفى عن يسيرها، فعفي عن يسير زمنها، ككشف العورة".
بل وردَّ بعض المالكية على هذا الحديث. انظر: "شرح التلقين "، للمازري (١/ ٤٦٦).
(١) وهو قول عند المالكية، والقول القديم في مذهب الشافعية، ورواية عن الحنابلة كما سبق.
(٢) سبق هذا.
(٣) يقصد الشارح أن مشهور المذهب هو السنية، لكن صحيح المذهب على شرطية إزالة النجاسة.
وانظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (١/ ٤١)، وفيه قال: "وإنما الخلاف في الإزالة هل هِيَ شرط في صحة الصلاة أم لا، وهذا هو الصحيح عندي .. والدليل على وُجُوب إزالة النجاسة قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)}، ولا خلاف أنه ليست هاهنا طهارة واجبة للثياب غير طَهَارتها من النجاسة".

<<  <  ج: ص:  >  >>