للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كانوا فيما مضى يبصقون في ثيابهم (١)، فلو كان نجسًا لما فعلوه (٢)، ومع ذلك فقد نَهى النبيُّ أن يبصق في المسجد عنايةً به (٣)، لا أن البصاق نجش، فقد يكون أنَّ ما كان في النعلين شيءٌ يسيرٌ، كدمٍ أو نحوه (٤)، وليكن ما يكون، فإنَّ هذا في نظري يُحْمَل على مَنْ لم يكن عَالمًا.


(١) من ذلك ما أخرجه أبو داود (٣٨٩)، عن أبي نضرة، قال: "بزق رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في ثوبه، وحك بعضه ببعض "، وصحَّحه الأَلبَانيُّ في "صحيح أبي داود - الأم" (٤١٤).
(٢) انظر، في مذهب الأحناف: "المبسوط"، للسرخسي (١/ ٥٢)، وفيه قال: "والدليل على طهارة البزاق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعان في محو بعض الكتابة به، والدليل على المخاط أن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتخط في صلاته، فأخذه بثوبه، ودلكه، ثم المخاط، والنخامة سواء". وانظر في مذهب المالكية: "حاشية الدسوقي" (١/ ٥١)، وفيه قال: " (قوله: وصفراء)، أي: ومن الطاهر صفراء وبلغم وهو المعروف بالنخامة (قوله: من آدمي) أن سواء كان كلٌّ من الصفراء والبلغم من آدمي (قوله: أو غيره)، كان ذلك الغير من مباح الأكل أم لا".
وانظر في مذهب الشافعية: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (١/ ٢٨٧)، وفيه قال: " (قوله المستقذر)، أي: ولو طاهرًا كالبصاق والمخاط والمني ".
وَانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات "، للبهوتي (١/ ١٠٩)، وفيه قال: " (وسائل من فم): ذكر أو أنثى صغير أو كبير (وقت نوم) طاهر كالبصاق ".
(٣) من ذلك ما أخرجه أبو داود (٤٨٠)، عن أبي سعيد الخدري، أن النبيٍ -صلى الله عليه وسلم- كان يحب العراجين، ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد، فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مغضبًا، فقال: "أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه؟ إنَّ أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عزَّ وجلَّ، والمَلَك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه، ولا في قبلته، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه، فإن عجل به أمر فليقل هكذا"، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح سنن أبي داود".
(٤) هذا ما تعامل به الجمهور مع الحديث السابق.
انظر في مذهب الأحناف: "التجريد"، للقدوري (٢/ ٧٣٥، ٧٣٦)، وفيه قال: "قال أصحابنا: قليل النجاسة معفو عنه؛ لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلع نعلَه في الصلاة، فلما سلم قال: "أَخْبَرني جبريل أن عليهما أذى"، ورُوِيَ: "سرجين"، وروي: "دم حلمة"، ولم يستأنف الصلاة، فلَوْلَا أن قليل النجاسة معفوٌّ عنه لاستأنف ".
وَانظر في مَذْهب الشافعية: "المجموع شرح المهذب "، للنووي (٣/ ١٥٦)، وَفِيهِ قال: "ومَنْ قال بالجديد أجاب عن الحديث بأن المراد بالقذر الشيء المستقذر؛ كالمخاط ونحوه، وبدم الحلمة إن ثبت الشيء اليسير المعفو عنه، وإنما خَلَعه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- تَنزُّهًا".=

<<  <  ج: ص:  >  >>