للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومُرْتادو تلك المقابر تحصل منهم مخالفات عظيمة، فيطلبون من الموتى الشفاعَةَ، وشفاءَ المرضى، وفَكَّ الكَرْب، وَبَعْضهم يذبح له، وكلُّ هذه من أعمال التوحيد التي لا تَجُوز إلا لله وَحْده، وصَرْفها لغير الله شركٌ أكبَر، وبعضهم تحصل منهم مخالفاتٌ تُعَدُّ شركًا أصغر.

فَابْتَعِدْ عن هذا كله، واتجه في أمورك إلى الله سُبْحانه وتعالى بطلب العون والتوفيق؛ فهو الذي يشفى المريض، ويفك الكرب، ويَهَب المُلْكَ لمن يشاء، وينزعه ممن يشاء، وبيده كل شيء {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].

أما الرسل والأنبياء فهم عَبِيدُ الله، لا يختلفون عن غيرهم إلَّا أن الله شرفهم وميزهم بالرسالة والنبوة، فلا يُصْرف لهم نوعٌ مِنْ أنواع العبادة التي لا تجوز إلا لله.

كَذَلك الصالحون، لا نغلو فيهم، ولا نجعلهم واسطةً بيننا وبين الله سُبْحانه وتعالى (١).

فعلينا أن نتنبه ونحذر، وننبه إخواننا المسلمين، فما أكثرَ ما يقَع المسلمون في ذلك! وربما نجد أن بعض الذين يَقُودونهم على عِلْمٍ، ولكن قد أغلقت قلوبهم وَتَحجَّرَت، والمخدوعون لو أعملوا أفكارهم، ودقَّقُوا لأدركوا حقيقة الأمر ووضوحه في كتاب الله عزَّ وجلَّ، وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ كقَوْل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لَعْنة الله على اليهود والنَّصَارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مَسَاجد" (٢)، واللعنُ طردٌ من رحمة الله (٣)؛ لأنهم اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد.


(١) انظر تفصيل هذا في: "الإخنائية"، لابن تيمية (ص ٢٨٠)، وما بعده.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) "اللعن": الطرد والإبعاد من الخير. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٦/ ٢١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>