للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسوا كالبوذيين (١) مثلًا، وَسَائر الكفار الآخرين الذين لا كُتُب، ولا شرائع عندهم.

إذن، لا ننسى أنَّ هذه البِيَعَ أو الكنائس جزءٌ من الأرض، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "جُعلَتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (٢)، وَلَكن إشراكهم بالله في عبادتهم جعل للعلماء في صحة صلاتنا أقوالًا ثلاثة:

أوَّلها: المنع المطلق؛ لأنها أُعدَّت لعبادة غير الله سُبْحانه وتعالى، فلا نَأمن النجاسة فيها (٣).

ثَانيها: الجَوَاز المطلق؛ لأنها مَوْضعٌ من الأرض كغَيْره من المواضع (٤).

ثالثها: التفصيل، حَيْثُ فرَّقوا بين أن تكون فيها صور أو لا، فإن كانت خاليةً من الصور، فَالصَّلاة صحيحة، وإنْ كانت فيها صور فلا،


(١) "البوذية": ديانَة أسسها بوذا الهندي (٥٦٤ ق م- ٤٨٣ ق م) واسعة الانتشار في الهند والشرق الأقصى. انظر: "المعجم الوسيط" (١/ ٧٦).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) انظر في مذهب الأحناف: "حاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (١/ ٣٨٠)، وفيه قال: "تُكْره الصلاة في الكنيسة؛ لأنها مأوى الشياطين، وإنما يكره من حيث إنه مجمع الشياطين لا من حيث إنه ليس له حق الدخول، والظاهر أنها تحريمية؛ لأنها المرادة عند إطلاقهم، وقد أفتيت بتعزير مسلم لازم الكنيسة مع اليهود. اهـ. فإذا حرم الدخول، فالصلاة أَوْلَى، وبه ظهر جهل مَنْ يدخلها لأجل الصلاة فيها".
(٤) هُوَ الصحيح من مذهب الحنابلة: انظر: "الإنصاف"، للمرداوي (١/ ٤٩٦)، وفيه قال: "ولَه دخول بيعة وكنيسة، والصلاة فيهما من غير كراهة، على الصحيح من المذهب. وعنه تُكْره. وعنه: مع صور، وظاهر كلام جماعة: يحرم دخوله معها". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٥٧).
وهو قول لبعض السلف. انظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٣/ ١٥٨، ١٥٩)، وفيه قال: "ونقل الترخيص في الصلاة فيها عن أبي موسى والحسن والشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز، وهي رواية عن ابن عباس، واختاره ابن المنذر".

<<  <  ج: ص:  >  >>