للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَر بن عبد العزيز، والحسَن، وَكَثير مِن التابعين (١) إلا أنَّ البعض قرن جواز الصلاة بالكراهة؛ لأن مَن رُئِيَ يتردد على كنيسة، فقَدْ يَرْتَاب الناس من دينِهِ (٢).

وإذا كان رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لمَّا مرَّ به بعض أصحابه وهو مع زوجتِهِ؛ بيَّن لهم أنها صفية، خشية أن يتطرَّق إليهم شكٌّ، أو يَتلَاعب بهم الشيطان، فيَظُنوا سوءًا (٣)، فالأَوْلَى مَن دونه أن يتجنب كل موقع تلحقه فيه ريبة أو شبهة أو شك.

وَاستدلُّوا بعَدَم جواز الصلاة مع وُجُود الصور بما ثبت عن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَا تَدْخل الملائكةُ بيتًا فيه صورة" (٤).

وفي بعض رواياته: "لا تَدْخل الملائكة بيتًا فيه صورةٌ، ولا كلبٌ" (٥). وقَدْ توقَّف الوحي عن رسول الله لمثل هذه الأسباب (٦)، وكذا امتنَع


(١) نقل عن هؤلاء الجواز مطلقًا كما سبق من كلام النووي، ونقل هذا عنهم أيضًا ابن قدامة، فقال: "ولا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، رخص فيها الحسن، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز"، انظر: "المغني" (٢/ ٥٧).
(٢) سبق.
(٣) أخرج البخاري (٣٢٨١)، ومسلم (٢١٧٥/ ٢٤)، عن صفية بنت حيي، قالت: كان رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمَرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "علَى رِسْلِكُما، إنها صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: "إنَّ الشَّيطان يَجْري من الإنسان مجرى الدم، وَإنِّي خشيتُ أن يقذف في قلوبكما سوءًا"، أو قال: "شيئًا".
(٤) أخرجه البخاري (٣٢٢٦)، ومسلم (٢١٠٦/ ٨٥)، عن أبي طلحة.
(٥) أخرجه البخاري (٣٢٢٥)، ومسلم (٢١٠٦/ ٨٣)، عن أبي طلحة، قال: سَمعتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب، ولا صورة".
(٦) من ذلك ما أخرجه مسلم (٢١٠٤/ ٨١)، عن عائشة، أنها قالت: واعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل عليه السلام في ساعةٍ يأتيه فيها، فجاءت تلك الساعة ولم يأته، وفي يده عصا، فألقاها من يده، وقال: "ما يخلف الله وعده ولا رسله"، ثم التفت، فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: "يا عائشة، متى دخل هذا الكلب هاهنا؟ "، فقالت: والله، ما=

<<  <  ج: ص:  >  >>