للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنعم أنواع المَفْروشات، أمَّا مَسْجد رَسُول الله في عهده فكان مبنيًّا مِن اللَّبِنِ، ومَسْقوفًا بالجريد وسعف النخل (١)، وكان إذا جاء المطر، نَزَل الماء على أرض المسجد وداخله، وقَدْ ثبت أن الرسول "سَجَد في الماء والطين" (٢).

فَمِنْ هنا تكلم العلماء عَنْ جواز مسح الجبهة والوجه لمَنْ يسجد في ماءٍ وطينٍ، ولكن بعد الصلاة لا خلالها بدليل أن الصحابة لمَّا صلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتفَتَ، رأوا أثر الطين على جبهته وأنفه (٣).

وَوَرد أنهم لما جدَّدوا، وضعوا الحصير، كما ثبت ذلك في حديث إقبال (٤) بن مالك (٥)، وفي حديث أنسٍ في قوله: "فقمت إلى حصيرٍ لنا قد


(١) "السَّعَفُ": أغصان النخلة. الواحدة: سَعَفَةٌ. انظر: "العين"، للخليل (١/ ٣٤٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٩)، واللفظ له، ومسلم (١١٦٧/ ٢١٦)، عن أبي سلمة، قال: سَألتُ أبا سعيد الخدري، فقال: جاءت سحابة، فمطرت حتى سال السقف، وكان من جَريد النخل، فأُقِيمَتِ الصلاة، "فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته".
(٣) وهذا الحديث رد به المالكية على الشافعية في اشتراطهم مباشرة الأرض بالجبهة في السجود.
انظر: "رياض الأفهام"، للفاكهاني (٣/ ٥٠٧)، وفيه قال: "والشافعية يَشْترطون مباشرة الأرض بالجبهة، والحديث دليل عليهم، وبيانه: إذا سجد في الماء والطين، ففي السجود الأول تعلق الطين بالجبهة، فإذا سجد ثانيًا، كان ما علق بالجبهة في السجود الأول حائلًا في السجود الثاني عن مباشرة الجبهة بالأرض، ويَبْعد أن يكون مسح جبهته -عليه الصلاة والسلام- من الأول، ثم سجد بُعْدًا شديدًا".
(٤) صوابه: عتبان بن مالك.
(٥) أخرجه البخاري (٦٧٠)، عن أنس بن مالك، قال: قال رجلٌ من الأنصار: إنِّي لا أستطيع الصلاة معك، وكان رجلًا ضخمًا، "فصنع للنبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا، فدعاه إلى منزله، فبسط له حصيرًا، ونضح طرف الحصير فصلى عليه ركعتين"، فقال رجل من آل الجارود لأنس بن مالكٍ: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى؟ قال: ما رأيته صلَّاها إلا يومئذٍ.
قال العيني: "قوله: (قال رجلٌ من الأنصار)، قال بعضهم: قيل: إنه عتبان بن مالك، وهو محتمل لتقارب القضيتين". انظر: "عمدة القاري" (٥/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>