إذا لم يتمضمض أو يستنشق، فإنه في هذه الحالة حِينَئذٍ لا يطمئن إلى وضوئِهِ، وبالتَّالي يشكُّ في صَلَاتِهِ، ولا ننسَى أن من العلماء مَنْ قال بأنَّ مَنْ ترك الاستنشاق، بطل وضوؤه، وإذا بطل وضوؤُهُ، لم تصحَّ صلاتُهُ، وأي مسلمٍ يُقْدم على مثل هذا الأمر؟!
إذًا، الأَوْلَى ألا نتوقَّف، ولم يُنْقل ولَا في حديثٍ واحدٍ من أقوال الرَّسُول علَيه الصَّلاة والسَّلام، ولا من أفعالِهِ أنه ترك المضمضة والاستنشاق.
ألا يكفينا أن نَقْتدي بفِعْلِ الرسول عليه الصلاة والسلام؟!
فيَنْبغي أن نقفَ عند هذا الأمر، ولا نَتسَامح أو نتساهل فيه، وهذا أيضًا ليس هناك ما يُبْعده من أن يكون داخلًا في عُمُوم قَوْل الله تَعَالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}.
عندما نَقِفُ عند قوله تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}[المائدة: ٦]، ولا نتجاوز هذا الحدَّ، نقول: زائدة، لكن الوجه هو ما تَحْصل به المواجهة من حيث اللغة، فما المانع أن نخرج من ذلك المضمضة والاستنشاق، الخلاف إنما هو في داخل الأنفِ وداخل الفم.
يُرِيدُ المؤلِّف رَحِمَهُ اللهُ أن يَقُولَ: المُرَادُ من هذه الآية تأصيلُ الحُكْمِ، أي: بيان الفروض التي هي أُصُولٌ في هذه المسألة، والأصول هنا إنما هي أربعةٌ: غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، على خلافٍ فيه سيأتي، وغسل الرِّجْلين إلى الكعبين، والخلاف فيهما شاذٌّ لا يعتدُّ به.