للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ يَقُولُ بأنَّه ينبغي أن نقصرَ ما في الآيَةِ على الفرائض ولا نتجاوزه، فما زاد عن هذه الأمور الأربعة إنَّما هي تدخل في أبواب السُّنَن، ولا يَنْبغي أن نلْحقها في الفرائض، فهو يتخذ هذا القول له.

* قوله: (وَمَنْ لَمْ يَرَ أَنَّهَا تَقْتَضِي مُعَارَضَةً، حَمَلَهَا عَلَى الظَّاهِرِ مِنَ الوُجُوبِ).

والواقعُ أنها لا تَقْتضى معارضةً؛ لأنَّ هذه سُنَّةٌ، وهذا كتابٌ، والسُّنَّة بتَوْجِيهٍ من الله، وهي بيان للكتاب، والبيانُ جَاء عن طريق قول وفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأي معارضةٍ بينهما؟ لا معارضةَ، بَلْ هو بيانٌ وتفصيلٌ، وقد رَأَيْنا ذلك في أحكامٍ كثيرةٍ جدًّا.

* قوله: (وَمَنِ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الأَقْوَالُ وَالأَفْعَالُ فِي حَمْلِهَا عَلَى الوُجُوبِ، لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ).

مراد المؤلف رَحِمَهُ اللهُ أن يقول: مَنْ تساوت عنده الأقوال والأفعال؛ يعني: أقوال الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث التي ذكرنا، كقوله: " فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لْيَنْثُرْ "، وقَوْله: " إذا تَوضَّأت فمَضْمِضْ "، وبَيْن ما ورد أو نُقِلَ إلينا من وَصف وضوئِهِ - صلى الله عليه وسلم -، والَّذي وَرَدتْ فيه ملازمتُهُ للمَضْمضة والاستنشاق، ولم يُفرِّق بينهما، فهو يَرَى وُجُوبَهما.

قلنا: إنَّنا لا نجد فرقًا، فلا إشكالَ، ولا معارضة في كون الأحاديث التي وردت في الاستنشاق أكثر من التي وردت في المضمضة، خصوصًا الأحاديث التي وردت قولًا، لكن كونها أكثر لا يُخْرج المضمضة من أن تكون أيضًا متعينةً.

* قوله: (وَمَنْ كانَ عِنْدَهُ القَوْلُ مَحْمُولًا عَلَى الوُجُوبِ، وَالفِعْلُ مَحْمُولًا عَلَى النَّدْبِ، فَرَّقَ بَيْنَ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ).

ولعلَّ المؤلف رَحِمَهُ اللهُ وغيره من بعض الفقهاء لَمْ يقفوا على الحديث الذي أوردته، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا تَوضَّأت فمَضْمِضْ "، فهذا أمرٌ، وليس فعلًا، وبه يترجَّح قول القائلين بوُجُوبهما معًا، ولو انضمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>