للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَحَادِيثَ المُتَقَدِّمَةَ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ الكَلَامِ عَلَى العُمُومِ).

إن حديث: "إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس" (١) لا ينفي أي كلامٍ، فهو عامٌّ، مَنْ أخذوا به وبغَيْره من الأدلة العامة قالوا بعَدَم جوَاز الكلام مطلقًا، ومَنْ نَظَروا إلى الأدلة الأخرى، وإلى أسباب الكلام، مع أمْرَي النسيان والإكراه؛ اعتبروا بها شرعًا (٢)، وسيأتي حديثٌ في آخِرِ هذه المسَألة يُذْكر أن الشافعي يستدل به.

قوله: (وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ المَشْهُورَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّى رَكعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ" (٣). ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- تَكَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ).

مثل هذا يَتَرتب عليه مسألة سجود السهو، وللعلماء كلامٌ في هذه المسألة، هل يكون السُّجُود قبل الصلاة أو بعدها، وقَدْ عقد المؤلف بابًا مستقلًّا لهذه المسألة سنعرض له إن شاء الله.

قوله: (وَأَنَّهُمْ بَنَوْا بَعْدَ التَّكَلُّمِ، وَلَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ التَّكَلُّمُ صَلَاتَهُمْ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا الظَّاهِرِ، وَرَأَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ يَخُصُّ الكلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ، اسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَلِكَ العُمُومِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ).

اختلَف أهل العلم في هذا الكلام على ما إذا كان يدخل في باب التعمُّد لمصلحة الصلاة أو في باب النسيان؛ فالذين اقتصروا على الجهل


(١) تقدَّم.
(٢) وهم الجمهور خلافًا للأحناف كما سبق.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>