للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أيضًا ورد فيها رواياتٌ في مذهبي الشافعية والحنابلة، ويعني المؤلف أن المذهبين يلتقيان مع بعضهما، لكن الحقيقة أنه عند تحرير مذهب الحنابلة نَرَاهم اعتبروا ذلك داخلًا ضمن النسيان، فيرون أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نسي لأنه قال: "ما قصرت الصلاة، وما نسيت"، لكن الواقع أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وَجَّه لهم ذلك وأجابوا.

قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كيْفَ كَانَ إِلَّا مَعَ النِّسْيَانِ) (١).

إلا النسيان والجهل (٢)، ويلتقي أحمد مع الشافعيِّ في ذلك (٣).

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كَيْفَ كَانَ) (٤).

أَكْثَر المَذَاهب تَشددًّا في هَذِهِ المسألة هم الحنفية، فإنهم حَسَموا القول في ذلك، وَرَأوا أن أي كلامٍ في الصلاة يفسدها؛ سَوَاء كان المتكلم عامدًا أو ساهيًا، وسواء لإصلاحَ الصلاة أو غير ذلك، وَسَواء غلب على أمره أو لم يغلب، حتى وإن كانت الكلمة من حرفين، فإنه يفسد عندهم الصلاة (٥).


(١) انظر: "البيان"، للعمراني (٢/ ٣٠٣، ٣٠٤)، وفيه قال: "وإن تكلم في الصلاة، نظرت: فإن كان بالتسبيح، أو التهليل، لم تبطل صلاته، وإنْ تكلَّم بكلامٍ يصلح لخطاب الآدميين، فإن كان يتكلم عامدًا عالمًا بتحريمه لمصلحة الصلاة، فهذا يبطل الصلاة عندنا؛ لأنه لو كان الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، أمَّا كلام الناسي، مثل: أن يعتقد أنه سلم، أو أنه ليس في الصلاة، فتكلم، ولا يطيل الكلام، فهذا لا تبطل به الصلاة عندنا". وانظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (٢/ ١٤٠).
(٢) مسألة التكلم جهلًا أو نسيانًا سبق تحريرها.
(٣) انظر في مذهب الحنابلة: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٥٢٠)، وفيه قال: " (أو تكلم) مصلِّ؛ إمامًا كان أو غيره، طائعًا أو مكرهًا، فرضًا أو نفلًا (ولو لمصلحة) بها عمدًا (أو سهوًا)، في صلبها، أو بعد سلامه سهوًا، لتحذير نحو ضرير، أو لا؛ بطلت"، هذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
(٤) سبق ذكر مذهبهم.
(٥) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>