للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: ("فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الكَلَامِ"، وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ صَلَاتَنَا لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ القُرْآن") (١).

أتَى المؤلف هنا بجزءٍ من الحديث، وقَدْ سَبَق وأوردناه كاملًا أثناء الشَّرح، وسيأتي مرةً أُخرى ليستدل به وبغيره من هذه الأحاديث على التكبير -إن شاء الله- في مسألةٍ قريبةٍ قادمةٍ.

قوله: (إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: إِذَا تَكَلَّمَ سَاهِيًا (٢)، وَالآخَرُ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ، وَشَذَّ الأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ أَوْ لِأَمْرٍ كبِيرٍ، فَإِنَّهُ يَبْنِي) (٣).

" يبني"، أي: يستمر في صلاته، و"إحياء نفس" بأن يرى -مثلًا- إنسانًا أو طفلًا أو أعمًى سيسقط في نارٍ أو بئرٍ، فيُنبِّهه، وبهذا لا تتأثر صلاته، بل يبني ويستمر.

قوله: (وَالمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ التَّكَلُّمَ عَمْدًا عَلَى جِهَةِ الإِصْلَاحِ لَا يُفْسِدُهَا (٤)).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) سبقت هذه المسألة.
(٣) انظر: "الاستذكار" (١/ ٤٩٨)، لابن عبد البر، وفيه قال: "أجمع المسْلمون أن الكلام في الصلاة عمدًا إذا كان المصلي يعلم أنه في صلاة ولم يكن ذلك في إصلَاح صلاتِهِ تفسد صلاته إلا الأوزاعي، فإنه قال: مَنْ تكلم في صلاته لإحياء نفسٍ أو مثل ذلك من الأمور الجسام -لم تفسد بذلك صلاته، وَمَضى عليها".
(٤) انظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير (١/ ٢٨٩)، وفيه قال: " (إلا) أن يكون تعمد الكلام (لإصلاحها)، أي: الصلاة (فـ) لا تبطل إلا (بكثيره) ". وانظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقَاضي عبد الوَهَّاب (١/ ٢٦٣، ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>