للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير ذلك من أسباب التخفيف التي وردت، وقد عقد لها العلماء أبوابًا خاصة في كتبهم، وأكثروا من ذِكْرِهَا في كتب الفقه، وخَصَّصوا لها في الأشباه والنظائر حَيِّزًا كبيرًا (١).

إذًا، الناسي والمُكرَه والمخطئ لكلٍّ منهم أحكامه التي تخصُّهُ؛ لأنَّ الشريعة نَظَرتْ إليهم نظرةً خاصةً، والله تعالى يقول: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

وَكَذلك الجاهل أيضًا له أحكامه التي تخصه.

وليس الجهل أو النسيان في كل حالة على إطلاقها، فلو أن إنسانًا نسي أو جَهِلَ ركنًا من أركان الصلاة؛ لَما سقط عنه ذلك الركنُ؛ فهناك قضايا مستثناة (٢).

قوله: (مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَمَدَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَصْلًا عَامًّا).

قد مر بنا الكلام عن هذا في أحكام الطهارة.

قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَحَمَلَ أَحَادِيثَ النَّهْي عَلَى عُمُومِهَا، وَرَأَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِحَدِيثِ ذِي اليَدَيْنِ، وَأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهَا) (٣).

يَتبيَّن لنا أن حَمْل أحاديث النهي على عمومها هو رأي الحنفية، وبقية العلماء خَصَّصوا، وَهُنَاك مَنْ يُوَافق الحنفية أن حديث ذي اليدين منسوخٌ (٤)، وقَدْ سَبق بيان دَعْوى النسخ، والرد عليها.


(١) انظر هذه القاعدة في: "الأشباه والنظائر"، للسبكي (٩/ ٢) وما بعده.
(٢) انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٤٤)، وفيه قال: "وإذا صلى الجنب بقوم، فصلاته باطلة، سواء كان عالمًا بالجنابة حين دخوله في الصلاة أو ناسيًا لا خلاف في ذلك".
(٣) سبق ذكر هذا.
(٤) ممن قال بهذا أيضًا الثوري. انظر: "شرح النووي على مسلم" (٥/ ٧١)، وفيه قال: "وقال أبو حنيفة -رضي الله عنه- وأصحابه والثوري في أصح الروايتين تبطل صلاته بالكلام ناسيًا أو جاهلًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>