للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ مِنْ شَرْطِ المَأْمُومِ أَنْ يُوَافِقَ نِيَّةَ الإِمَامِ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ).

هنا دَخَل المؤلف في مسألةٍ تتعلق بارتباط الإمام بالمأموم.

معلومٌ أن الإمامَ قدوةٌ، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤْتمَّ به" (١)، و "إنما" أداة حصر، فقصر الائتمام بالإمام، وسُمِّيَ إمامًا لتقدُّمه ليأتم به المأمون (٢).

وَالإمامُ قَدْ يحمل عن المأموم أشياء، منها: السُّترة (٣)، والقراءة (٤) إلا الفاتحة، وسيأتي الخلاف فيها.

إذًا، لا بد من موافقة نية المأموم لإمامه؛ فلو صلَّى الظهر، فليصل المأموم الظهر، وهكذا ما دام يصلي صلاةً مكتوبةً في وقتها، أما غير ذلك فليؤتم به في الأفعال لا كل شيءٍ، فللمأموم إن يصلي الظهر وراء إمام يصلي العصر بعد الجماعة الأولى، وله أن يدخل فيجد إنسانًا يقضي الصلاة بعد الإمام، فيَجْعله إمامًا له.

إذًا، قوله: "إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به … "، مراده أن بعض العلماء يشترطون أن تكون نية المأموم وَفْق نية الإمام، فلا يختلف عنه، فلو صلى نفلًا فيُصلَّى وراءه نفلًا، ولو فرضًا ففرضًا، ولا العكس، وبعض العلماء يُخَالفون في هذا (٥).


(١) أخرجه البخاري (٧٢٢)، ومسلم (٤١٤/ ٨٦).
(٢) قال الخليل: "كلُّ من اقْتُدِيَ به، وقُدِّم في الأمور فهو إمام". انظر: "العين" (٨/ ٤٢٨).
(٣) انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ١٤٣)، وفيه قال: "والإجماع المتيقن الذي لا شك فيه أن سترة المصلي لا يكلف أحدٌ من المأمومين اتخاذ سترة أُخرى؛ بل تَكْفي الجميع سترة الإمام".
(٤) انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ١٥٢)، وفيه قال: "ولا يختلفون أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر فيه بالقراءة".
(٥) ستأتي هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>