للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي التنبيه إلى قضية هامة جدًّا فيما يتعلَّق بالإمام والمأمومين: وقد تكلم عنها العلماء، فالإمام عليه أن يراعي دائمًا أحوال المأمومين، فإذا كان الإمام يصلي وراءه جماعة من الناس لا يعلم أحوالهم؛ فالأولى في حقه أن يخفف؛ لأن فيهم من لا يطيق الإطالة في الصلاة، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عاتب معاذًا -رضي اللَّه عنه- وقال له: "أتريد أن تكون فتانًا" (١). ثم قال: "إذا أم أحدكم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة" (٢).


= نحو: سبحان ربي العظيم. قال العدوي: (قوله: وتسبيح بركوع) إلخ؛ وظاهر كلامه أنه غير محدود بواحدة أو ثلاث ولا مخصوص بلفظ معين خلافًا لمن يقول أقله ثلاث".
وانظر في مذهب الشافعية: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٢/ ٦١)، وفيه قال: " (و) من جملته أيضًا أنه (يقول) بعد استقراره فيه (سبحان ربي العظيم) وبحمده (ثلاثًا) للاتباع وصح: أنه لما أنزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)} قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجعلوها في ركوعكم" فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} قال: "اجعلوها في سجودكم. . . ". وأكمله إحدى عشرة ودونه تسع فسبع فخمس فثلاث فهي أدنى كماله". وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ١٩٥)، وفيه قال: "وسن تكريره (ثلاثًا) في قول عامة أهل العلم (وهو)؛ أي: التكرار ثلاثًا (أدنى الكمال). . . (وأعلاه)؛ أي: الكمال في التسبيح الإمام عشر) مرات. . . (و) أعلى الكمال (المنفرد العرف)؛ أي: المتعارف في موضعه، وسكت عن مأموم؛ لأنه تجع لإمامه (وكذا سبحان ربي الأعلى في سجود) فحكمه كتسبيح الركوع فيما يجب وأدنى الكمال وأعلاه لما تقدم".
(١) أخرجه مسلم (٤٦٥/ ١٧٩) عن جابر أنه قال: صلى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاء فطول عليهم؛ فانصرف رجل منا فصلى؛ فأُخبر معاذ عنه فقال: إنه منافق؛ فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره ما قال معاذ؟ فقال له النبي-صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتريد أن تكون فتانًا يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ بـ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)} ". وبنحوه أخرجه البخاري (٦١٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (٩٠)، ومسلم (٤٦٦/ ١٨٢)، واللفظ له، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل بنا فما رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال: "يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم أمَّ الناس فليوجز؛ فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>