للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: أن علوم الشريعة الإسلامية كلها مرتبطة لا ينفك بعضها عن بعض (١).

والإمام مالك -إمام دار الهجرة-: أخذ بتشهد عمر -رضي اللَّه عنه- (٢)، وقد صح أنه موقوف عليه، وعمر -رضي اللَّه عنه- لم يأت به من عند نفسه، وقد ألقاه على الناس وهو على المنبر، ولو كان عمر -رضي اللَّه عنه- أخطأ فيه لما تركه الصحابة، الصحابة -رضي اللَّه عنهم- لا يجاملون في الحق، وقصة المرأة التي ردت عليه معروفة (٣)؛ إذن التشهد الوارد عنه مشروع.

وأما الشافعية: فقد أخذوا بحديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه- وهو في "صحيح مسلم"، ولم يأخذوا بحديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- وهو في "الصحيحين"، وقد ذكروا عدة تعليلات لرأيهم منها قولهم: أولًا نأخذ بحديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه-، ثم بحديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وقالوا: لأن هذا جاءت فيه عبارات مقتبسة من القرآن (٤).

ونفهم مما سبق: أن كل مذهب من المذاهب له توجيه في اختياراته، فهم ما أخذوا هذا الأمر تشهِّيًا ولا رغبة، وما أخذوه لأن فلانًا قال به،


(١) أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦/ ٢١) عن ابن عمر، -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان".
(٢) سبق.
(٣) ولم أقف عليها مسندة.
وانظر: "كشف الخفاء" للعجلوني (١/ ٣٠٨) وفيه قال: روى الزبير بن بكار، عن عمه مصعب بن عبد اللَّه، عن أبيه، قال: قال عمر: "لا تزيدوا في مهور النساء، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال". وذكر نحوه وفيه: فقال عمر: "امرأة أصابت ورجل أخطأ".
(٤) انظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ١٥٦)، وفيه قال: "وما اختاره الشافعي من تشهد ابن عباس أولى من وجوه: منها: زيادة على الروايات بقوله: (المباركات)، ولتعليم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له كتعليم القرآن، ولتأخره عن رواية غيره، والأخذ بالمتأخر أولى ولقوله تعالى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} وما وافق كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ أولى، وبأي هذه الروايات تشهد أجزأه".

<<  <  ج: ص:  >  >>