للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل قد يكون صالحًا فتعتريه غفلة الصالحين (١)، أو شيء من النسيان، وهذا الراوي من هذا النوع، فهو رجل صالح، ولكنه ضُعِّف في بعض الأمور.

وقد يَسْرِي إلى بعض الرواةِ الضعفُ في آخر حياتهم، بل قد يُضعَّفوا بالكلية (٢).

كما ذُكِر عن ابن لَهِيعَة بأنه طارت أوراقه؛ فصار يُحدِّث من حفظه؛ فكانت روايته ضعيفة، وهذا معروف عند مَن يدرسون عِلم "مصطلح الحديث" (٣)، و"الجرح والتعديل" (٤)؛ فلا يُغتر بصلاح إنسان فقط، وليس


(١) هو لفظ من ألفاظ الجرح المتعلقة بالضبط يقولونه في الراوي الذي لا يشتغل بالحديث وليس من أهله. يُنظر: "عمدة القاري"، للعيني (٢/ ١٥٠) حيث قال: "وقوم عندهم غفلة إذا لقنوا تلقنوا. . . سئل يحيى بن سعيد عن مالك بن دينار ومحمد بن واسع وحسان بن أبي سنان، قال: ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث". وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية للسهو والغفلة سبعة أسباب: ومنها الاشتغال عن هذا الشأن -يعني الحديث- بغيره فلا ينضبط له ككثير من أهل الزهد والعبادة. انظر: "مجموع الفتاوى" (١٨/ ٤٥).
(٢) ضعف الراوي من قبل سوء حفظه؛ إما أن يكون سوء الحفظ طارئًا على الراوي لأسباب مختلفة:
إما لكبر سنه: كإسماعيل بن عياش فقد اختلط لما كبر سنه. انظر: "الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط" لسبط ابن العجمي (ص: ٥٦).
أو بسبب ذهاب بصره: كعبد الرزاق الصنعاني فقد ذكر الإمام أحمد أنه عمي في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن. انظر "الكواكب النيرات" لابن الكيال (٢٦٩).
أو بسبب احتراق كتبه: كعبد اللَّه بن لهيعة. انظر: "الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط" لسبط ابن العجمي (ص: ١٩٠).
(٣) مصطلح الحديث: قال ابن حجر: "أولى التعاريف له أن يقال فيه هو: معرفة القواعد والمعرفة بحال الراوي والمروي". انظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (١/ ٢٥ - ٢٦).
(٤) علم الجرح والتعديل: هو علم يُبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة، وعن مراتب تلك الألفاظ. انظر: "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لحاجي خليفة (١/ ٥٨٢). ويُنظر: "الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط" لسبط ابن العجمي هامش (ص ١٩٠) حيث قال: وعبد اللَّه بن لهيعة -كما رأيناه من كلام الأئمة- صدوق في نفسه غير متهم بالكذب ولم يقصد =

<<  <  ج: ص:  >  >>