للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام الآخر لم يكن ضعيفًا، ولا يمكن أن يأتي مكَّار فيخدعه. فينبغي على المؤمن أن يحتاط لهذه الأمور.

وقد عني العلماء بعلم الجرح والتعديل، ودقَّقُوا في ذلك، وحرَّرُوا مسائله، حفاظًا علَى سُنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ليُعلَم صحيحها مِن سقيمها، لأنه -كما هو معلوم- دخلَتْ في صُفوف الأُمة الإسلاميَّة فِرَقٌ، كالزنادقة (١) وغيرهم مِمَّن انحرفوا في العقيدة، وغالوا فيها أو فرَّطوا؛ فكل أولئك يريدون أن يضعوا أدلةً يثبتوا بها مذاهبهم.

* قوله: (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَافِعٍ، وَبَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ" (٢)).

سبق الكلام عن هذا الحديث، وضعف بعض رواته (٣).

* قوله: (قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ) (٤).

أيْ في كتابه "الاستذكار"، وهو من أهم مراجع هذا الكتاب، وبخاصة فيما يتعلَّق بنقل آراء العلماء ومذاهبهم.


(١) الزِّنديق فارسيّ معرَّب، كَأَن أَصله زَنْده كَر، أَي يَقُول بدوام بَقَاء الدَّهْر. وزندقته أنه لا يؤمن بالآخرة ووحدانية الخالق. انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (٣/ ١٣٢٩) و"لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١٤٧).
(٢) أخرجه أبو داود (٦١٧)، وغيره، عن عبد اللَّه بن عمرو، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم، فقد تمت صلاته، ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة" وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (الأم) (٩٥).
(٣) سيأتي الكلام عليه.
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٥٢٤) حيث قال: "والمحفوظ في حديث عبد اللَّه بن عمرو من رواية الإفريقي أن النبي عليه السلام قال: "إذا جلس أحدكم في آخر صلاته فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته" وهذا اللفظ إنما يسقط السلام لا الجلوس، وقد عارض هذا الحديث ما هو أقوى منه نقلًا وهو قوله عليه السلام: "تحليلها التسليم" والحجة في السنة لا فيما قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>