للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ عِنْدَ بَعْضِ أُولَئِكَ فَرْضٌ، وَعِنْدَ مَالِكٍ سُنَّةٌ) (١).

فهو سُنة عند مالك وحده، أما غيره فلم يقل أحد مِن الأئمة الثلاثة بالفرضية، حتى وإنْ اقتصر أبو حنيفة (٢) على تكبيرة الإحرام إلا أنه لم يقل أحد بأنها ركن أو واجب.

* قوله: (وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ إِلَى رَفْعِهَا عِنْدَ السُّجُودِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ. وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ كُلِّهِ اخْتِلَافُ الآثَارِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَمُخَالَفَةُ العَمَلِ بِالمَدِينَةِ لِبَعْضِهَا).

عمَلُ أهل المدينة (٣) كان معروفًا وقتئذٍ أنه هو الحُجة عند المالكية؛ لأنها كانت دار الهجرة، ومقر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد تجمَّع الصحابة فيها، ومنها خرجوا وإليها عادوا؛ إذًا، فهذه الأمور التي نراها في الكيل أو الوزن أو في بعض المسائل أخذوها عن الجيل الذي قبلهم من أهل المدينة -رضي اللَّه عنهم-.

لأن الذين يخالفون يرون أن العلم ليس مقصورًا فقط على أهل المدينة، فالصحابة تفرَّقُوا، منهم مَن ذهب إلى البصرة، ومنهم من ذهب إلى الكوفة، ومنهم من ذهب إلى مكة، وكذلك إلى الطائف، وكل منهم


(١) تقدَّم قوله.
(٢) تقدَّم قوله.
(٣) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (١/ ٢٤٣) حيث قال: "اتفق الأكثرون على أن إجماع أهل المدينة وحدهم لا يكون حجة على من خالفهم في حالة انعقاد إجماعهم خلافًا لمالك، فإنه قال: يكون حجة، ومن أصحابه من قال: إنما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم، ومنهم من قال: أراد به أن يكون إجماعهم أولى، ولا تمتنع مخالفته. ومنهم من قال: أراد بذلك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. والمختار مذهب الأكثرين، وذلك أن الأدلة الدالة على كون الإجماع حجة متناولة لأهل المدينة والخارج عن أهلها وبدونه لا يكونون كل الأمة ولا كل المؤمنين، فلا يكون إجماعهم حجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>