للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحمل عِلمًا عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ولذلك قد نجد هنا آراء فقهية متعددة، حتى إنَّ الإمام الشافعي رحمه اللَّه دوَّن مذهبَيْهِ الجديد والقديم في العراق، ووقف على أدلةٍ لم يُقَف عليها، وليس معنى هذا أن كلَّ ما دوَّنه كان خطأً، بل توجد مسائل في القديم أقوى أدلةً من الجديد، وينص عليها بعض محققي الشافعية، لكن الإمام الشافعي وجَدَ مدرسةً أيضًا في مصر تستند إلى كثيرٍ من الأدلة، وأخذ عنها وروَى.

كذلك مِن الصحابة مَن سافر إلى الشام ليأخذ حديثًا واحدًا بلَغهُ أنَّ أحَدَ الصَّحابة حفظه عن رسول اللَّه، وهذا ثابت في "صحيح البخاري" (١).

كذلك فعل كل الأئمة، فالشافعيُّ -مثالًا- كم مرة دخل العراق، وذهب إلى مكة، وكان يلقي دروسه فيها، وكان الإمام أحمد يأخذ بيد إسحاق ليستمع إلى هذا، وكان كثيرًا يدعو للشافعي (٢) وسافر الإمام أحمدُ


(١) أخرجه البخاري تعليقًا (مع الفتح) (١/ ١٧٤) قال: "ورحل جابر بن عبد اللَّه مسيرة شهر إلى عبد اللَّه بن أنيس في حديث واحد".
وعلقه أيضًا في موضع آخر (١٣/ ٤٥٧) قال: ويُذكر عن جابر، عن عبد اللَّه بن أنيس قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يحشر اللَّه العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعُد كلما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان". ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" (٥/ ٣٥٥).
وأخرجه أحمد في "المسند" (١٦٠٤٢) عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه، يقول: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاشتريت بعيرًا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرًا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد اللَّه بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد اللَّه؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثًا بلغني عنك أنك سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه،. . . " الحديث. وحسن إسناده الأرناؤوط.
(٢) ينظر: "سير أعلام النبلاء" (١٠/ ٤٥) حيث قال: "وقال محمد بن هارون الزنجاني: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد، قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال: يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض".

<<  <  ج: ص:  >  >>