للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفعاله -عليه الصلاة والسلام- هل تُحمَل على الوجوب أم لا (١)؟

نحن نعرف أن الأصل في الأمر عندما يُطلق؛ فيُحْمَل على الوجوب ما لم تأتِ قرينةٌ تدلُّ على صَرْفِه عن الوجوب، وهذا بالنسبة إلى الأوامر.

فأفعاله -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة يسندها حديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٢)، ولعلنا نفصل القول في كون الحديث على إطلاقه أم لا، وكون الأمر هنا واجب أم لا، وكل ذلك يحتاج لأدلة أُخرى.

* قوله: (وَأَمَّا الحَدُّ الَّذِي تُرْفَعُ إِلَيْهِ اليَدَانِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَنَّهُ المَنْكِبَانِ، وِبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى رَفْعِهَا إِلَى الأُذُنيْن، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَذهَب بَعْضُهُمْ إِلَى رَفْعِها إِلى الصَّدْرِ، وَكلُّ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إِلَّا أنَّ أَثْبَتَ مَا فِي ذَلِكَ أنَّهُ كانَ يَرْفَعُهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ الجُمْهُورُ).

هناك قولان مشهوران في ذلك:

الأول: رفع اليدين إلى المنكبين (٣).

وقد قال به جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واستدلوا بحديث عبد اللَّه بن عمر المتفق عليه.

والثاني: إلى فروع الأذنين، والدليل حديث مالكٍ في "صحيح مسلم".

فالقولان صحيحان، لكن الذين يأخذون برفع اليدين حذو المنكبين يقولون بأن دليله أقوى، وإن كان الكل صحيحًا كما قلنا.

* قوله: (وَالرَّفْعُ إِلَى الأُذُنَيْنِ أَثْبَتُ مِنَ الرَّفْعِ إِلَى الصَّدْرِ وَأَشْهَرُ).

فالرفع إلى المنكبين أو الأذنين.


(١) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (١/ ١٨٦) حيث قال: "معظم الأئمة من الفقهاء والمتكلمين متفقون على أننا متعبدون بالتأسي به في فعله واجبًا كان أو مندوبًا أو مباحًا، ومنهم من منع من ذلك مطلقًا". وانظر: "أفعال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ودلالتها على الأحكام الشرعية" لمحمد الأشقر (١/ ١٨٥).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) المَنكِبُ: مجتمع رأسِ العضُدِ فِي الكتفِ. انظر: "التلخيص في معرفة أسماء الأشياء" لأبي هلال العسكري (ص ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>