والثالث: أن يعمل ابتداء من غير سبب ولم يوجد منه في ذلك أمر باتباع ولا نهي عنه فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب وكذلك سائر الفقهاء والمتكلمين وهذا الاختلاف فيما يرجع إلى حقوق الأمة: المذهب الأول: أن اتباعه في هذه الأفعال واجب على الأمة إلا ما خصه ذلك وهذا مذهب مالك والحسن وبه قال من أصحاب الشافعي أبو العباس بن سريج والإصطخري وأبو علي بن أبي هريرة وأبو علي بن خيران وهذا هو الأشبه بمذهب الشافعي رحمة اللَّه عليه وبهذا قال من أصحاب أبي حنيقة أبو الحسن الكرخي وهو قول طائفة من المتكلمين. والمذهب الثاني: المستحب للأمة اتباعه في هذه الأفعال ويندب إلى ذلك ولا يجب وهو قول الأكثر من أصحاب أبي حنيفة وهو قول أكثر أهل المعتزلة وبه قال من أصحاب الشافعي أبو بكر الصيرفي وأبو بكر القفال. والمذهب الثالث: أن الأمر في ذلك على الوقف حتى يقوم دليل على ما أريد منا في ذلك وإلى هذا ذهب أكثر الأشاعرة واختاره من أصحاب الشافعي أبو بكر الدقاق وأبو القاسم بن كج.