للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا، الاطمئنان في الصَّلاة رُكْن، وينبغي للمسلم ألا يتساهل فيه، لكن أن يطرأ للمؤمن عُذر فهذا أمر آخر.

فقد لا يستطيع المصلي أن يقوم؛ فيسقط عنه القيام لعذرٍ لا لأن الاطمئنان غير واجب، إنما لأنه عجز عن ذلك؛ فتُعَدُّ صلاته صحيحة، لكن الحديث عن إنسانٍ قادر أن يطمئن في ركوعه وسجوده ولا يفعل ذلك.

* قوله: (وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ: هَلْ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ سُنَّةً أَوْ وَاجِبًا؛ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ (١)).

هنا الإمام مالك نفسه لم يقل شيئًا في ذلك، ولم يُنقل عنه، ومعلوم أن أشهر الكتب عند المالكية "الموطأ"، يليه مباشرة "المدونة"، وهذه رواية ابن القاسم عن الإمام مالك، حيث كان يسأل الإمام مالكًا عن مسألة فيجيبه، وأحيانًا يتوقف، وأحيانًا لا يسأل؛ فيجيب ابن القاسم (٢).

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الوَاجِبُ الأَخْذُ بِبَعْضِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، أَمْ بِكُلِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ).

وهذا كلام يكرره المؤلف، فاللَّه تعالى يقول: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧].


(١) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١/ ٣٥٣) حيث قال: "وسئل مالك عن الرجل يركع فيرفع رأسه فلا يعتدل قائمًا حتى يهوي إلى السجود، أترى أن يعيد تلك الركعة؟ قال: لا، ولكن لا يعود. قال ابن القاسم: وهو رأيي. قال المؤلف: مثل هذا في رسم "التفسير" من سماع عيسى، فالاعتدال في الفصل بين أركان الصلاة على هذا من سنن الصلاة لا من فرائضها، ومن أصحابنا المتأخرين من ذهب إلى أن ذلك من فرائضها، وإن لم يعتدل قائمًا في رفعه من الركوع ولا جالسًا في رفعه من السجود أعاد الصلاة. . . ".
(٢) لكن المدونة هي أصل مذهب المالكية ويقدمونها على الموطأ. قال القاضي عياض: "فهذه هي كتب سحنون المدونة والمختلطة. وهي أصل المذهب المرجح روايتها على غيرها، عند المغاربة، وإياها اختصر مختصروهم وشرح شارحوههم، وبها مناظرتهم ومذاكرتهم". انظر: "ترتيب المدارك وتقريب المسالك"، للقاضي عياض (٣/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>