للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى أمر بالركوع والسجود، وبيَّن سبحانه في آيةٍ أُخرى قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

وقال أيضًا في آية أُخرى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، والبيان يكون في سُنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فهِيَ تُبَيِّن مَا أَجمَلَه القرآن، وهي أيضًا تُقيِّد ما أطلقه، وتخصص عمومه، وتوضح ما ورد فيه من إجمال، تأتي السنة أحيانًا موافِقةً لنص القرآن؛ فتلتقي معه في الحُكْم، وقد تزيد على ذلك بيانًا، وربما تأتي بأحكامٍ لم ترِدْ أيضًا في القرآن، وقد ذكرنا ذلك في مناسبات عدةٍ تقدمت، كالجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها (١)، فهذه لم ترد في القرآن، ولكنها جاءت في السنة.

إذًا، المسلمون مُطالَبون بأن يعمَلُوا بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو القائل: "ألَا إني أُوتِيتُ القرآن ومثله معه" (٢).

إذًا، سُنة الرسول بيَّنَت المراد بالركوع والسجود؛ فنحن عندما نأتي لتطبيق صفة صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التي رواها جمعٌ غفير من الصحابة، نجد أن جميع الذين حكَوْها بيَّنُوا أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يطمئن في ركوعه، وفي سجوده، بل في كل أحوال صلاته، ويقول: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٣)، وبيَّن أيضًا في حديثٍ آخَر "أنَّ من لم يطمئن في ركوعه وسجوده فإن هذه أبشع السرقات" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٥١٠٩) ومسلم (١٤٠٨) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١٧١٧٤)، وصحح إسناده الأرناؤوط. وفي رواية: "ألا إني أوتيت الكتاب، ومثله معه" أخرجها أبو داود (٤/ ٢٠٠)، عن المقدام بن معدي كرب. وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (١٦٣).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) معنى حديث أخرجه أحمد في المسند (١١٥٣٢) عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أسوأ الناس سرقة، الذي يسرق صلاته"، قالوا: يا رسول اللَّه وكيف يسرقها؟ قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٨٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>