للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء أيضًا في حديثٍ آخر عن وائل بن حجر، وفيه: "أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يضع كفه الأيمن على ظاهر كفه الأيسر والرسغ وأيضًا الساعد" (١)، أيْ أنه يوسطها، فجزء من الكف يذهب إلى الساعد، ووسطها على الرسغ، وطرفها الأيمن على الكف، فهكذا تكون صفة أُخرى.

ووَردَ في قصة صلاة عبد اللَّه بن مسعود -وهذا دليل رابع- في هذه المسألة: "أنه كان يصلي، فمر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو واضع شماله على يمينه، فأخذ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بيمينه فوضعها على شماله" (٢).

وأما ما نقل عن السلف من الصحابة فهي آثار كثيرة في هذه المسألة.

إذًا، هذه المسائل جاءت نصًّا في وصف صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقبض في الصلاة، وأنه كان يضع كفه الأيمن على كفه الأيسر، وقد رأينا أن بعض الأحاديث أَطلق، وبعضها قيَّد ذلك، أما الآخرون -فكما قلنا- يذهبون إلى الاستدلال بحديث المسيء، وقد أشرت سابقًا إلى أن العلماء أيضًا أشاروا إلى حكمة في أمر القبض، عندما يقبض الإنسان في صلاته؛ فيكون أسلم له من أن يعبث بيديه، لأنه ربما لو ترك يديه فإنه يرفعها هنا وهناك، ويُكثر من حركتها، لكن عندما يضعهما هكذا يكون أسلم له من العبث؛ هذا أمر، والأمر الثاني، أن هذا أقرب إلى الخشوع، واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١، ٢]، ومعلوم أنه كل ما زاد حقيقة خشوع المرء؛ زاد ثوابه في صلاته، كما أن خشوع المرء في صلاته إنما هو دليل على سكون قلبه، واطمئنان فؤاده، بمعنى أن القلب لم يشتغل بأمور الدنيا، وإنما انصرف


(١) أخرجه النسائي (٨٨٩) وقال الألباني فى أصل صفة الصلاة (١/ ٢٠٩): وهذا إسناد متصل صحيح على شرط مسلم.
(٢) أخرجه أبو داود (٧٥٥) عن ابن مسعود، أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "فوضع يده اليمنى على اليسرى" وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>