للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن أولًا المؤمن مطالَب بأن يخضع للَّه سبحانه وتعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤]، فالخلق كلهم يجب أن يخضعوا للَّه، وإذا كان المؤمن ينبغي أن يخضع للَّه في كل حال مِن أحواله؛ فأوْلَى أحواله أن يكون ذلك في الصلاة التي وصفها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "والصلاة نور" (١)، وقال: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومَن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاةً يوم القيامة" (٢).

إذًا، لا شك أن الصلاة هي موضع خضوع، وفيها ذلٌّ، بل فيها انقياد وانطراحٌ بين يدي اللَّه سبحانه وتعالى، فهل هناك أكثر من أن الإنسان يضع جبهته في الأرض، ويمرِّغ أشرف ما في الإنسان، هو "وجهه"؛ ولذلك يضعه في الأرض، ويلصقه فيها؟!

وسنأتي -إن شاء اللَّه- إلى مسألة يتكلم فيها العلماء حول الأعضاء التي يجب السجود عليها، وأنه يسجد على جبهته قولًا واحدًا، إلا الحنفية؛ فإنهم يرون أنه لو اقتصر على الأنف جاز.

إذًا سجوده على الوجه أليس هذا غاية الذل، والخضوع والانقياد، والتسليم للَّه سبحانه وتعالى، فهو قد سلَّم أمره للَّه سبحانه وتعالى، وعندما سلم أمره للَّه؛ فإنه يرجو الثواب من اللَّه سبحانه وتعالى وهو في حالة السجود، حيث أقرب ما يكون من ربه؛ فإذا كان الأمر كذلك، فينبغي أن يكون ذليلًا خاضعًا،


(١) جُزء من حديث أخرجه مسلم (٢٢٣) عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الطهور شطر الإيمان والحمد للَّه تملأ الميزان، وسبحان اللَّه والحمد للَّه تملآن -أو تملأ- ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها".
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٦٥٧٦) وغيره، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه: ذكر الصلاة يومًا فقال: "مَن حافظ عليها كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاة يوم القيامة، ومَن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبي بن خلف" وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>