والذل للَّه مطلوب، والخضوع للَّه مطلوب؛ وإنما الذل للبشر والخضوع هو المنهي عنه، أمَّا أن تكرم البشر وترق لصغيرهم وتحترم كبيرهم؛ فهذا مطلوب، لكن دون أن تخضع لهم، ولا أن تذل لهم، ولا تصرف لهم نوعًا من أنواع العبادة، فذلك ما لا يجوز إلا للَّه سبحانه وتعالى مهما كان لهذا البشر من مكانة، ومهما علَتْ مكانة هذا الإنسان، وسمت منزلته بين الناس، وحتى وإن كان من الصالحين؛ فلا ينبغي أن يخضع له، وإنما تحترم هؤلاء، وتنزلهم المنزلة اللائقة بهم، "أُمرنا أن ننزل الناس منازلهم"(١)، لكن أن تصرف للمخلوق ما لا يجوز صرفه إلا للَّه؛ فذاك هو المنهي الممنوع.
* قوله:(المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ).
هذه تعرف بجلسة الاستراحة، فما هي جلسة الاستراحة؟
أقول: عندما يقوم الإنسان أثناء صلاته من السجدة الثانية إلى الركعة التالية، فالبعض هنا يقومون مباشرة، والبعض يجلسون قليلًا ثم ينهضون، بمعنى أنهم يقعدون كما يقعدون في حالة التشهد الأول حتى يعود كل عظم إلى موضعه، ثم ينهضون.
والحقيقة أنه قد ورد هذا وورد هذا، وهي تُعرف فقهيًّا بـ "جلسة الاستراحة".
بهذا قد عرفنا جلسة الاستراحة، والسؤال هنا: هل جلسة الاستراحة يفعلها الإنسان المحتاج إليها الذي قد تلحقه مشقة في صلاته، أو عليه أن يجلس جلسة الاستراحة بشكل عام؛ لأنها هي سُنة قد ثبتت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
(١) أخرجه أبو داود (٤٨٤٢) عن ميمون بن أبي شبيب، أن عائشة، مر بها سائل فأعطته كسرة ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل فقيل لها في ذلك فقالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنزلوا الناس منازلهم" وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١٨٩٤).