للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك وخالفهما (١).

ثم أثنى الإمام النووي على ما انتهى إليه الإمام البيهقي في هذه المسألة، وبيَّن أنه قد أتقن هذه المسألة وحرَّرَها، وأنه أتقنها غاية الإتقان، وأبدع فيها غاية الإبداع؛ هكذا ذكر الإمام النووي.

أما عن الأحاديث التي وردت في ذلك، فمنها أحاديث نهت عن الإقعاء، بعضها موقوف، كالموقوف علَى علِيٍّ، وبعضها مرفوع إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، مثل ما ورد: "نهَى أن يقعي الرجل إقعاء الكلب (٢) "، لكن ما نوع هذا الإقعاء الذي جاء في حديثه أبي حميد؟

بدايةً إن الحديث صحيح، وقد سبق أنْ مرَّ بنا، وقد بين فيه أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا جلس جلسة الاستراحة فإنه يفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى، كالحال بالنسبة للتشهد الأول عند الشافعية والحنابلة الذي سبق أن تكلمنا عنه، ووافق أبا حميد عشر من الصحابة أيدوه في هذا، ووافقه أيضًا وائل بن حجر في روايته.

إذًا، هذه رواية مشهورة والتي عُرفت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبعض العلماء وهو الذي انتهى إليه هؤلاء الثلاثة، إلا أن الأصل أن الصفة التي وردت في حديث أبي حميد وعائشة ووائل بن حجر هي الصفة التي بيَّنا.

وهذه الصفة الأخرى لا يرون أنها مكروهة، بل بعضهم يقول


= الكراهة في الإقعاء عن جماعة من الصحابة وكرهه النخعي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وهو قول أصحاب الرأي وعامة أهل العلم. وتفسير الإقعاء أن يضع أليتيه على عقبيه ويقعد مستوفزًا غير مطمئن إلى الأرض وكذلك إقعاء الكلاب والسباع إنما هو أن تقعد على مآخيرها وتنصب أفخاذها. قال أحمد بن حنبل: وأهل مكة يستعملون الإقعاء،. . . ويشبه أن يكون حديث ابن عباس منسوخًا والعمل على الأحاديث الثابتة في صفة صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(١) سيأتي الكلام عليها.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٨٩٥) عن علي، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا علي لا تقع إقعاء الكلب" وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٩٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>