للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* فَمِنَ العلماء مَنْ قال: إنَّ الباء هنا للإلصاق، وقد جاءت بمزيدٍ من الحكم.

* وقال بعضهم: إن الباء إنَّما هي للتبعيض.

* وقال بَعْضهم: إن الباء زائدةٌ.

وسواءٌ قلنا: إن الباء للإلصاق، أو بأنها زائدةٌ، فَهَذا هو مذهب الذين قالوا بتعميم مسح الرأس.

فائدتان:

الفائدة الأولى: نجد بعض المُفسِّرين أو بعض الفقهاء أحيانًا يقولون: (زائد)، هل يجوز أن يقال: في كِتَاب الله - عز وجل - بأن هذا حرف زائد، والله تعالى يقول: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: ١]؟ فنقول: إن قصدَهم بالزيادة هنا زيادة إِفَادَةٍ، فإن الباءَ هنا جاءت لزيادة التأكيد، والذين درسوا البلاغة يعرفون أن المؤكِّدات كثيرة، منها الجملة الاسمية، إذا اقترنت بها اللام والقسم، ومعلوم أيضًا أن المخاطب على أنواعٍ، ولكلٍّ أسلوب في المُخَاطبة، فالمنكِر له صفةٌ يُخَاطب بها، والمتردِّد له طريقةٌ يُخَاطب بهًا، وغير المتردِّد له وسيلةٌ يخاطب بها، فهو لا يحتاج إلى تأكيدٍ، وأمَّا المتردد فلا بدَّ أن تُعْطيه من التَّوكيدات ما يحتاج إليه، وأمَّا المنكِر، فإنَّك تقرع ذهنَه وأجراسه بالمُؤكِّدات القويَّة حتى ترفعَ ما يدور في ذهنه من وهمٍ وخيالٍ.

الفائدة الثانية: مِنَ العلماء مَنْ أشار إلى نكتةٍ مهمةٍ، وهي أن الله -سبحانه وتعالى - قال في الأيدي: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، أي: فاغسلوا وُجُوهَكم، واغسلوا أيديكم، والغسلُ يكون بالماء كما هو معروفٌ، فلم يؤت بالباء، أما مسح الرأس فجيء بالباء التي تفيد الإلصاق على بعض الأقوال؛ لأن المقام يَسْتدعي ذلك.

ومن العلماء الذين تكلموا في ذلك: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - في كتابه: "الفتاوى"، قال: إن الباء للإلصاق؛ لأنه لو جاءت الآية:

<<  <  ج: ص:  >  >>