صلاة الجماعة، وعلى تأكيدها؛ لأن اللَّه -سبحانه وتعالى- لم يخفف عن المؤمنين أكثر مما حصل في صلاة الخوف، ولذلك لو حصلت منهم غفلة طرفة عين لربما انقضَّ عليهم الأعداء، لكنهم في هذه الحالة يصلون إلى غير القبلة، ولو كان إلى غير القبلة؛ إذًا لن يمكن حتى لا يتمكن العدو.
فتأمل! وسوف نصل -إن شاء اللَّه- إلى (باب صلاة الخوف)، لنتعرف على صفاتها السبع من بين أنك تصلي جزءًا مع الإمام ثُم تنصرف، وتحرص على بعض صفاتها، ثم تعود مرة أُخرى وتصلي لتتم معه وغير ذلك.
إذًا، الذين يقولون بأنَّ صلاة الجماعة فرض عين أدلتهم كثيرة جدًّا، لا نستطيع أن نستقصيها، لأنها كثيرة، وهي صريحة، ووجه الدلالة منها بَيِّنٌ وواضح، وكذلك الذين يقولون أيضًا بأنها شرط يفهمون من أدلة الذين يقولون بأنها فرض عين أنها تدل علَى شرطيتها، فلنتابع الكتاب، ونعلق تعليقاتنا اليسيرة لنتأمل.
أيْ إنهم يقولون بأنها فرض عين، وشرط في صحة الصلاة، وفرقٌ بَيْنَ مَن يقول بأنها فرض عين وليست بشرط، وبين من يقول بأنها شرط.
فإنَّ مَن يرى أنها فرض عين لو صلَّاها الإنسان منفردًا غير معذور
(١) ينظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٣/ ١٠٤) حيث قال: "ولا تجزئ صلاة فرض أحدًا من الرجال إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إلا في المسجد مع الإمام، فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته، فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعدًا ولا بد، فإن لم يفعل فلا صلاة له إلا أن لا يجد أحدًا يصليها معه فيجزئه حينئذ، إلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة".