للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض القضايا، إلا أن غيرهم ممن هم دونهم أولى وأقرب؛ فالصحابة حضروا نزول القرآن، وتلَقَّوا سُنة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن لا ننسى أنَّ منهم مَن يضرب في الأسواق ويشتغل بالتجارة، ومنهم من يسافر، ومنهم مَن يكون له عذر، ومنهم أصحاب المزارع، والمصالح، فلا يدركون ويسمعون كل شيء.

لهذا، كان أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أكثر الصحابة حديثًا، لأنه كان من أصحاب الصُّفة (١) الذين يجلسون في غرفةٍ صغيرة، يجتمعون فيها، كلٌّ متفرغون للعبادة، وهم دائمًا يتتبعون آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لذلك كثر حديثه، وكان أكثر الصحابة رواية في ذلك.

* قوله: (وَحَدِيثُ الأَعْمَى المَشْهُورُ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَائِدَ لَهُ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً" هُوَ كَالنَّصِّ فِي وُجُوبِهَا مَعَ عَدَمِ العُذْرِ، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ (٢)).

المؤلف هنا خلط بين حديثين ومزج بينهما، فالحديث الذي يُشير إليه هو حديث الأعمى الذي جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: لا أجد قائدًا يقودني إلى المسجد، وسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرخص له، فرخص له فولَّى الرجل، فلمَّا أدبر دعاه فقال له: "أتسمع النداء؟ " قال: نعم. قال: "فأجب"، هذا الذي يُشير إليه.

أما الآخَر فهو دمج بينه وبين حديث ابن أم مكتوم، وبعد صفحة


(١) أخرجه البخاري (١١٨) عن أبي هريرة، قال: "إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب اللَّه ما حدثت حديثًا، ثم يتلو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: ١٥٩] إلى قوله: {الرَّحِيمُ} [لبقرة: ١٦٠] إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>