للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن عُمدة الذين قالوا بالإعادة: حديث الرجل الذي دخل وقد صلى الناس، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يتصدق على هذا؟ " (١).

وفي رواية: "ألَا رجل يتصدق على هذا؟ " فقام رجل من القوم فصلى معه (٢).

لماذا قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- "ألا رجل يتصدق على هذا؟ "؛ لأنه لو صلى وحده لأدرك فضيلة الانفراد، وبلا شك معذور؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم ينبهْهُ، ولم يأخذ عليه تخلفه، وقد جاء وفاتته الجماعة، فأراد الرسول -عليه الصلاة والسلام- لهذا الرجل أن يدرك فضل الجماعة، فطلب من أحد الحاضرين أن يصلي معه.

وورد في إحدى الروايات أن من قام وصلى معه هو أبو بكر -رضي اللَّه عنه- (٣)، لكن في هذا الحديث كما نرى: "ألا رجل يتصدق"، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل عمَل مَن قام وصلى مع أخيه المسلم صدقةً؛ ولذلك


= ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ١٣٣) حيث قال: "فأما إعادة الجماعة في المسجد الحرام ومسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسجد الأقصى، فقد روي عن أحمد كراهة إعادة الجماعة فيها. وذكره أصحابنا؛ لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها إذا أمكنتهم الصلاة في الجماعة مع غيره. وظاهر خبر أبي سعيد وأبي أمامة، أن ذلك لا يكره؛ لأن الظاهر أن هذا كان في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمعنى يقتضيه أيضًا، فإن فضيلة الجماعة تحصل فيها، كحصولها في غيره".
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١١٤٠٨) عن أبي سعيد الخدري "أن رجلًا دخل المسجد وقد صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ " فقام رجل من القوم فصلى معه". وصححه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه أحمد (١١٦١٣) عن أبي سعيد، أن رجلًا جاء وقد صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه". وصحح إسناده الأرناؤوط.
(٣) أخرجه أبو داود في "المراسيل" (ص ٨٤) قال: حدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا هشيم، حدثنا الخصيب بن زيد، عن الحسن، في هذا الخبر فقام أبو بكر فصلى معه وقد كان صلى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>