للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما صلاة المغرب فقد نُقِل عن حذيفة -رضي اللَّه عنه- أنه أعاد صلاة الظهر، والعصر، والمغرب (١)، وورد ذلك أيضًا عن غيره من الصحابة (٢).

* قوله: (وَأَيْضًا فَإِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ بُسْرٍ يُوجِبُ الإِعَادَةَ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إِذَا جَاءَ المَسْجِدَ).

حديث بسر عام، ولا يفرق بين مَن صلَّى منفردًا أو في جماعة؛ فالتخصيص يحتاج إلى دليل، نعَمْ الرجل كان صلى وحده، لما وجده في مؤخرة المسجد، وقال: "صليت في أهلي" (٣)، ويحتمل أيضًا أن يكون صلى منفردًا، لكن لو سلمنا بذلك، على قول المؤلف إنه عام؛ إذًا هذا إذا كان يخص منفردًا دون الجماعة لبينه؛ لأن هذا رجل أخطأ الحكم، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يتكلم عن ذلك في حضور ومشهد من الصحابة؛ فيُعَد هذا بيانًا، واللَّه سبحانه وتعالى يقول له: " {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] ".

والقاعدة الأصولية المعروفة: "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة" (٤).

إذًا، هذا بيان لا يجوز تأخيره، ولو كان هناك فرق بين مَن صلَّى


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/ ٧٦) (٦٦٥٧) عن صلة، عن حذيفة، "أنه صلى الظهر مرتين، والعصر مرتين، والمغرب مرتين، وشفع في المغرب بركعة".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/ ٧٦) (٦٦٥٩) عن علي، قال: "يشفع بركعة" يعني إذا أعاد المغرب.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) يُنظر: "شرح الكوكب المنير" لابن النجار (٣/ ٤٥١) حيث قال: "و (لا يؤخر) أي لا يجوز تأخير البيان (عن وقت الحاجة) وصورته: أن يقول: صلوا غدًا، ثم لا يبين لهم في غد كيف يصلون ونحو ذلك. لأنه تكليف بما لا يطاق. وجوَّزه من أجاز تكليف المحال. وهذا هو الراجح عند العلماء، خلافًا للمعتزلة، لأن العلة في عدم وقوع التأخير عن وقت العمل؛ أن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع، فالتكليف بذلك تكليف بما لا يطاق، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة". وانظر "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص ٢٨٢)، "العدة في أصول الفقه" لابن الفراء (٣/ ٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>