للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منفردًا ومَن صلَّى في جماعة وأدرك الجماعة؛ لبيَّنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غاية البيان؛ لأن الناس بحاجة إليه، كما بيَّن للأعرابي عندما أخطأ في صلاته حين لم يطمئن (١)، وبيَّن للرجل الذي صلَّى خلف الصف، وقال: "استقبل صلاتك لا صلاة لمن خلف الصف" (٢)، بل بقي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ينتظره حتى فرغ من صلاته، وقال له: "استقبل صلاتك، لا صلاة لمن خلف الصف"؛ لأن ذلك حكم، فانتظره حتى انتهى.

فالرسول -عليه الصلاة والسلام- في كل موضع يرى البيان فيه متعين، فيبينه، لأن اللَّه -سبحانه وتعالى- أرسله ليبين للناس ما أنزل إليهم ليبيِّن الأحكام، ويوضح ما يحتاجون إليه في أمور آخرتهم ودنياهم، ولذلك كان يوضح لهم حتى الأمور اليسيرة.

* قوله: (فَإِنَّ قُوَّتَهُ قُوَّةُ العُمُومِ، وَالأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَرَدَ العَامُّ عَلَى سَبَبٍ خَاصِّ لَا يُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى سَبَبِهِ).

القاعدة الأصولية المعروفة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" (٣)، وهي قاعدة أصولية، وتصلح أيضًا أن تكون قاعدةً فقهية (٤).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٠٠٣) عن علي بن شيبان وكان من الوفد، قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبايعناه، وصلينا خلفه، ثم صلينا وراءه صلاة أُخرى، فقضى الصلاة، فرأى رجلًا فردًا يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين انصرف قال: "استقبل صلاتك، لا صلاة للذي خلف الصف" وصححه الألباني في "التعليقات الحسان" (٢١٩٩).
(٣) تقدَّم الكلام عليها.
(٤) يُنظر: "الفروق" للقرافي (١/ ٢) حيث قال: "فإن الشريعة المعظمة المحمدية زاد اللَّه منارها شرفًا وعلوًّا اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان: أحدهما المسمى بأصول الفقه وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح ونحو: الأمر للوحوب، والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين. والقسم الثاني: قواعد كلية =

<<  <  ج: ص:  >  >>