للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَصَلَاةُ مُعَاذٍ مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

صلاة معاذ من أوضح الأدلة على ذلك، وَيبني الفقهاء عليها مسألةً مشهورة، وهي "اقتداء المفترض بالمتنفل" (١)، فإن معاذًا -رضي اللَّه عنه- كان يصلي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجده، ثم يعوفى إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، وهي صلاة العشاء (٢)، وكان يدرك بها فضيلة الصلاة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأيضًا خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يعود فيصلي بقومه تلك الصلاة، فينوي النفل وهم ينوون الفرض؛ لأنه لا يمكن أن ينوي الفرض لأنه لا يجوز للإنسان أن يصلي الفريضة مرتين.

* قوله: (ثُمَّ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ؛ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي الجَمَاعَةِ، فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآثَارِ مَذْهَبَ الجَمْعِ وَمَذْهَبَ التَّرْجِيحِ).

تتعدد المسالك التي يسلكها الفقهاء عندما تتعارض الأدلة، فهناك:

مسلك النسخ، والنسخ يحتاج معرفة المتقدم مِن المتأخر (٣).


= فقهية جليلة كثيرة العدد عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمِه، لكل قاعدة عن الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل، وهذه القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع". وانظر: "الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية" (ص ٢٠ - ٢١).
(١) تقدَّم الكلام على هذه المسألة.
(٢) أخرجه البخاري (٧٠١)، ومسلم (٤٦٥) عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يرجع، فيؤم قومه، فصلى العشاء، فقرأ بالبقرة، فانصرف الرجل، فكأن معاذًا تناول منه، فبلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "فتان، فتان، فتان" ثلاث مرار -أو قال: "فاتنًا، فاتنًا، فاتنًا"- وأمره بسورتين من أوسط المفصل.
(٣) قال ابن حزم في "الإحكام" (٢/ ٢١): "إذا تعارض الحديثان، أو الآيتان، أو الآية والحديث، فيما يَظنُّ من لا يَعْلَم، ففرضٌ على كلِّ مسلمٍ استعمالُ كلِّ ذلك، لأنه ليس بعض ذلك أولى بالاستعمال من بعض، ولا حديث بأوجب من حديث آخر مثله، ولا آية أولى بالطاعة لها من آية أُخرى مثلها، وكلٌّ من عند اللَّه عز وجل، وكلٌّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>