للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هذا الكتاب أَجْمَلَ فيها، لكنَّه أيضًا ذكر حظًّا أو جُمَلًا مهمة في مباحث الصلاة.

وأول هذه المسائل: مَنْ يَؤَمُّ الناسَ؟

العلماء متفقون من حيث الجملة على أنَّ الأَوْلَى أن يتقدم الناسَ مَنْ هو أكثر فقهًا، أو قراءةً، فهذان لا خلاف في تقديم أحدهما (١).

لكن هل الأولى أن يُقَدَّم الأفقه أو الأقرأ؟

العلماء عندما يقولون بتقديم الأقرأ؛ يقصدون بذلك أن يكون على معرفة بالفقه والأحكام المتعلقة بالصلاة، فلا يكفي أن يكون قارئًا ويجهل أحكام الصلاة.

كذلك الذين يقولون بتقديم الأفقه؛ يَنُصُّون على أنَّه ينبغي أن يكون قارئًا.

لكن الخلاف: إذا وُجد فقيه وقارئ، وكان أحدهما أفقه والآخر أقرأ، فأيهما يُقدم؟ هذا هو محل الخلاف بين العلماء.

فمنهم من يُقدم الأقرأ، أخذًا بنصِّ هذا الحديث وغيره، ومنهم من يُقَدِّم الأفقه فيقولون: إنَّ الإمامَ يحتاج إلى الفقه أكثر من حاجته إلى القراءة، فَيَكْفِيه القراءة المطلوبة في الصلاة، لكنَّه قد تنتابه (٢) أمورٌ في الصلاة لا يستطيع أن يَتصرف فيها إلَّا مَن كان على علم ودراية بالفقه، فإن لم يكن كذلك فربما أخَلَّ بشرطٍ من شروط الصلاة، أو ركن من أركانها، وقد يُؤدي ذلك الخَلل إلى فسادِها، فقد يعود من ركنٍ إلى واجبٍ أو سُنَّة، وذلك يُخل بالصَّلاة.


(١) قال ابن القطان في ذِكر أحق الناس بالإمامة: "واتفقوا أن أقرأَ القوم إذًا (حَسَنُ الدِّين والمعتقد)، سالم الأعضاء كلها، صحيح الجسم، فصيح اللسان، صحيح النسب، حرًّا، لا يأخذ على الصلاة أجرًا، فقيهًا، ولم يكن أعرابيًّا يؤم مهاجرين، ولا (أعجميَّا) يؤم عَرَبًا، ولا متيممًا يؤم متوضئين: أن الصلاة وراءه جائزة". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ١٤٣).
(٢) انتابه، أي: أصابه. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>