الثلاثة أيضًا أكمل، وهذا لا خلافَ فيه بين العلماء بالنسبة لليدين والوجه والرِّجْلين، لكن الخلاف هنا في المسح، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تَوضَّأ مرةً مرةً، واثنتين اثنتين، وثلاثًا ثلاثًا، أليسَ الرأس داخلًا في وضوئه عليه الصلاة والسلام؟ هل يشمل الرأس المسح؟
بل قد جاء في حديثٍ صحيحِ في "سنن أبي داود" عند البيهقي وغيرهما أن الرسول عليه الصلاة والَسلام مَسَح رأسه ثلاثًا، لكنَّنا عندما نَعُودُ إلى الأَحَاديث الَّتي في "الصَّحيحين"، بَلْ أكثر الأحاديث، وَهي أصحُّ من هَذِهِ، نجد أنَّ الرَّسُولَ علَيه الصَّلاة والسلام ترَك التَّكرار، وإنما مَسَح رأسه مرةً واحدةً كَمَا في حديث عثمان، وعبد الله بن زيدٍ.
اختلفَ العُلَماءُ في هذه المسألة، فَجَماهيرُ العُلَماء من الحنفيَّة والمالكية، وهي الرواية المشهوره عن الإمام أحمد قالوا بأنه لا تكرار في مسح الرأس، وأما الشافعية - وهي روايةٌ أُخرى عن الإمام أحمد، وليست كقوة الرواية الُأولى - يقولون بتكرار المسح.
قَالَ أصحابُ المَذْهب: لأنَّ ذلك ثبت من فِعْلِ الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه مسح رأسه ثلاثًا، ثمَّ إن عموم قول الذين نقلوا لنا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا يدخل في ذلك الرأس، فلماذا نخرجه؟!
قَالَ جَماهيرُ العُلَماء: إنَّ الأحاديثَ الَّتي ورَد فيه أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، أحاديث مجملة، فَجَاءت الأحاديث الأُخرى ففصلتها، ولذلك نجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام يَقُول:"إذا سَمعتُمُ المُؤذِّن، فقُولُوا مثلما يَقُول".
ولَا نَقُول كما يَقُول المؤذن في كل شيءٍ، بدليل أن المؤذن إذا وصل إلى قوله:"حي على الصلاة، حي على الفلاح"، نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فالحديث الذي فيه:"إذا سمعتم المؤذن، فقُولُوا مثلما يقول"، جاء حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فبيَّن لنا ما نقول، وأننا نتابع المؤذن في كل شيءٍ إلا في الحيعلة، فإننا نقوله: لا قوة إلا بالله.