للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى أَنَّهُ يُؤَمِّنُ كَالمَأْمُومِ سَوَاءً (١). وَهِيَ رِوَايَةُ المَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ (٢). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُتَعَارِضَي الظَّاهِرِ، أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي "الصَّحِيحِ"، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا" (٣). وَالحَدِيثُ الثَّانِي: مَا أخرجَهُ


(١) يُنظر في مذهب الأحناف: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"، للزيلعي (١/ ١١٣)، وفيه قال: "قال رَحِمَهُ اللَّهُ: (وأمن الإمام والمأموم سرًّا)؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا أَمَّن الإمام فَأَمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له ما تَقَدَّم مِن ذنبه"، رواه مسلم والبخاري ومالك في الموطأ، وقالت المالكية في رواية: لا يأتي الإمام بالتأمين. وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين"، قسم بينهما، وهي تنافي الشركة؛ ولأن سنة الدعاء تأمين السامع لا الداعي، وآخر الفاتحة دعاء؛ فلا يُؤمن الإمام؛ لأنه داع. والحجة عليهم: ما رويناه".
ويُنظر في مذهب الشافعية: "البيان"، للعمراني (٢/ ١٩٠، ١٩١)، وفيه قال: "فإذا فرغ من الفاتحة أمَّنَ، وهو سنةٌ لكل مَن قرأ الفاتحة في الصلاة وغيرها، وهو أن يقول: (آمين)؛ لما روي عن وائل بن حجر: أنه قال: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ: {وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال: (آمين)، ومَدَّ بها صوته". وأما الجهر به: فإن كان في صلاة يُسر بها أَسَرَّ به المنفرد والإمام والمأموم؛ لأنه تابع للقراءة، وإن كان في صلاة يُجهر بها، فإن كان منفردًا أو إمامًا جهر به؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أَمَّن الإمام فَأَمِّنوا". وانظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٤٨).
ويُنظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٣٣٩)، وفيه قال: " (فإذا فرغ) من قراءة الفاتحة (قال: آمين، بعد سكتة لطيفة، ليعلم أنها ليست من القرآن)، وإنما هي طابع الدعاء، ومعناه: اللهم استجب، وقيل: اسم من أسمائه تعالى، (يجهر به إمام ومأموم معًا في صلاة جهر)؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا أَمَّن الإمام فأمنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (١/ ٤٧٤، ٤٧٥)، وفيه قال: "وقال جمهور أهل العلم يقول الإمام: (آمين)، كما يقولها المنفرد والمأموم. وهو قول مالك في رواية المدنيين عنه؛ منهم ابن الماجشون، ومطرف، وأبو مصعب، وابن نافع، وهو قولهم".
(٣) أخرجه البخاري (٧٨٠)، ومسلم (٤١٠/ ٧٢)، عن أبي هريرة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أَمَّن الإمام فَأَمِّنوا؛ فإنَّه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه"، وقال ابن شهاب: وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: (آمين).

<<  <  ج: ص:  >  >>