للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما الحكم لو وقف عن يساره (١)؟

علمنا أنَّ الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- نقل عبدَ اللَّه بن عباس مِن يساره إلى يمينه (٢)، وكذلك أخذ بيد جابر بن عبد اللَّه فأداره حتى أقامه عن يمينه (٣)، فعرفنا بذلك نصًّا أنَّ موقف الواحد يكون عن يمين الإمام.

وهذه المسألة لم يذكرها المؤلف؛ وهي لو جاء رجل ووقف عن يسار الإمام وأتم الصلاة؛ فهل تصح صلاته أم لا؟

اختلف العلماء في هذا؛ فجماهير العلماء يرون صحة الصلاة مع الكراهة، وهناك مَن منع ذلك، والذين أجازوا ذلك قالوا: إنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- وإن نقل ابن عباس وجابر فإنَّه أقرهما؛ لأنَّهما لم يستأنفا الصلاة، فلم تفسد صلاتهم، مع أنَّهما دخلا عن يسار الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذه مسألة فرعية (٤).


(١) قال ابن المنذر بعد أن ذكر اتفاقهم على وقوف المأموم عن يمين الإمام: "وفي المسألة قولان آخران: أحدهما: عن سعيد بن المسيب أنه قال: يُقيمه عن يساره. والقول الثاني. عن النخعي، وهو إذا كان الإمام خلفه رجل واحد فليقم من خلفه ما بين وبين أن يركع، فإن جاء أحد وإلا قام عن يمينه، فإذا كان اثنان قام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره". انظر: "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (٤/ ١٧١).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٣٠١٠) عن جابر -رضي اللَّه عنه-، وفيه قال: "ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يَسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه سلم- بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه".
(٤) ذهب الجمهور إلى أن المأموم إذا وقف عن يسار الإمام فإن هذا مكروه، لكن صلاته صحيحة، وخالف في ذلك الحنابلة، فقالوا ببطلان صلاته.
انظر في مذهب الأحناف: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ١٥٩)، وفيه قال: "ولو وقف عن يساره جاز؛ لأن الجواز متعلق بالأركان، ألا ترى أن ابن عباس وحذيفة -رضي اللَّه عنهما- وَقَفَا في الابتداء عن يسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم جوز اقتداءهما به؟ ولكنه يكره؛ لأنه ترك المقام المختار له، ولهذا حول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عباس وحذيفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>