للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر: أنَّ الإمام هو أبو بكر، لكن مِن العلماء مَن رأى أنَّ الإمام هو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنَّ أبا بكر كان مُبَلِّغًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ أبا بكر أراد أن يتأخر، فأمره الرَّسُول أن يمكث في مكانه (١).


(١) اختلف الفقهاء في أيِّهما كان إمامًا في هذه الصلاة. فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. وذهب الأحناف والمالكية إلى أن الإمام كان أبا بكر -رضي اللَّه عنه-.
انظر في مذهب الشافعية: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٢٦٥)، حيث ذكر رواية صلاة النبي خلف أبي بكر، فقال: "فجاء فجلس عن يسار أبي بكر فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بالناس جالسًا وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر"، رواه البخاري ومسلم، هذا لفظ إحدى روايات مسلم، وهي صريحة في أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان الإمام، لأنه جلس عن يسار أبي بكر، ولقوله: "يُصلي بالناس"، ولقوله: "يقتدي به أبو بكر".
وانظر في مذهب الحنابلة: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، للمرداوي (٢/ ٣٨)، وفيه قال: "قال المجد في "شرحه"، وابن تميم، وصاحب، "مجمع البحرين": لا تختلف الروايات عن الإمام أحمد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما خرج من مرضه بعد دخول أبي بكر في الصلاة: أنه كان إمامًا لأبي بكر، وأبو بكر كان إمامًا للناس".
وانظر في مذهب الأحناف: "المعتصر من المختصر"، لأبي المحاسن الملطي (١/ ٧٣، ٧٤)، وفيه قال: "وقد روى عنها قالت: "صَلَّى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدًا". وروى عنها: "أن أبا بكر صلى بالناس ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصف". ففي هذين الحديثين أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مصليًّا بصلاة أبي بكر مأمومًا فيها، ثم نظرنا في قول ابن عباس وعائشة فكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوجدنا محتملًا أن المراد كان يصلي بقدر طاقته -صلى اللَّه عليه وسلم- عليها للمرض الذي كان فيه؛ إذ طاقة المريض ليس كطاقة الصحيح، وقد كانت السُّنَّة التي أُمر الأئمة بها أن يُصلوا بصلاة أضعفهم".
وانظر في مذهب المالكية: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٢/ ١٧٣)، وفيه قال: "واحتج ابن القاسم في ذلك بأن قال: حَدَّثَنِي مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج وهو مريض، وأبو بكر يصلي بالناس، فجلس إلى جنب أبي بكر؛ فكان أبو بكر هو الإمام، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بصلاة أبي بكر، وقال: "ما ماتَ نبيٌّ حتى يَؤُمَّه رجلٌ مِن أُمَّته". قال ابن القاسم: قال مالك: والعمل عندنا على حديث ربيعة هذا، وهو أحبُّ إليَّ". وانظر: "البيان والتحصيل"، لأبي الوليد بن رشد (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>